ويقول الزبير : والله لقد رأيتنى أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ، ما دون أخذهن قليل ولا كثير ، إذ مالت الرماة إلى العسكر ، حين كشفنا القوم عنه ، وخلوا ظهورنا للخيل ، فأتينا من خلفنا ، وصرخ صارخ : ألا أن محمدا قد قتل ، فانكفأنا وانكفأ علينا القوم ، بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم.
* * *
ثم إن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية ، فرفعته لقريش ، وكان اللواء مع صؤاب ، غلام لبنى أبى طلحة ، حبشى ، وكان آخر من أخذه منهم ، فقاتل به حتى قطعت يداه ، ثم برك عليه ، فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه ، وهو يقول : اللهم هل أعذرت.
وانكشف المسلمون ، فأصاب فيهم العدو ، وكان يوم بلاء وتمحيص ، أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة ، حتى خلص العدو إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فأصيب بالحجارة ، حتى وقع لشقه ، فأصيبت رباعيته ، وشج فى وجهه ، وكلمت شفته ، وكان الذى أصابه عتبة بن أبى وقاص.
* * *
ووقع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى حفرة من الحفر التى عمل أبو عامر ، ليقع فيها المسلمون ، وهم لا يعلمون ، فأخذ على بن أبى طالب بيد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورفعه طلحة بن عبيد الله ، حتى استوى قائما ، ومص مالك بن سنان ، أبو أبى سعيد الخدرى ، الدم عن وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم ازدرده ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من مس دمى دمه لم تصبه النار.