وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى مقامه ذلك ، حمزة بن عبد المطلب ابن هاشم إلى سيف البحر ، من ناحية العيص ، فى ثلاثين راكبا من المهاجرين ، ليس فيهم من الأنصار أحد ، فلقى أبا جهل بن هشام بذلك الساحل فى ثلاثمائة راكب من أهل مكة ، فحجز بينهم مجدى بن عمرو الجهنى ـ وكان موادعا للفريقين جميعا ـ فانصرف بعض القوم عن بعض ، ولم يكن بينهم قتال.
ثم ، غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى شهر ربيع الأول يريد قريشا ، واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون ، حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا ، فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر ، وبعض جمادى الأولى.
* * *
ثم غزا قريشا ، فاستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد ، فسلك على نقب بنى دينار ، ثم على فيفاء الخبار ، فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر ، يقال لها : ذات الساق ، فصلى عندها. فثم مسجده صلىاللهعليهوسلم ، ثم ارتحل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فترك الخلائق (١) بيسار ، وسلك شعبة يقال لها : شعبة عبد الله ، وذلك اسمها اليوم ، ثم صب لليسار حتى هبط بليل ، فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة ، واستقى من بئر بالضبوعة ، ثم سلك الفرش ـ فرش ملل ـ حتى لقى الطريق بصحيرات اليمام ، ثم اعتدل به الطريق ، حتى نزل العشيرة من بطن ينبع ، فأقام بها جمادى الأولى وليالى من جمادى الآخرة ، ووادع فيها بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.
* * *
وقد كان بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيما بين ذلك من غزوة ، سعد
__________________
(١) الخلائق : أرض كانت لعبد الله بن جحش بناحية المدينة.