نجاح الدعوة يحتاج للإعداد والصبر
... وهذه نقلة جديدة إلى الجوّ العام الذي يعيشه الإنسان في مواجهة الدعوة إلى الإيمان ، وذلك في الحالات التي يجري التحرك خلالها بسلبيّة قلقة لا ترتكز على أساس موضوعيّ ، أو ركن وثيق ، وهذا ما يجب أن يعيه الداعية إلى الله ، في تعامله مع الواقع المهتزّ من حوله ، ليواجهه من موقع الثبات ، لا من موقع الاهتزاز.
(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) لأن قضية الإيمان لا تتعلق فقط بما يعيشه الداعية الرسالي من حرص على النجاح في دعوته ، في ما يقدمه من أفكار ، وفي ما يثيره من أجواء ، وفي ما يبدعه من وسائل وأساليب ، بل القضية تخضع لعوامل أخرى ، تعود إلى طبيعة الوضع النفسي والفكري الذي يعيشه الناس الذين يدعوهم ، فقد يكون ضغط الواقع على قرارهم ، أكثر من ضغط الفكرة الرسالية ، وقد تقف العوائق الذاتية ، سدا منيعا يحول بينهم وبين الاستجابة للدعوة ، وقد يتم الاصطدام ببعض الظروف الموضوعية التي يتحرك من خلالها الإنسان ، في لعبة القوى الموجودة في الساحة ، وما تحدده من ميزان القوة والضعف ، تبعا لذلك.
وهكذا نجد أن على الداعية الرسالي ، ألّا يصاب بالإحباط ، أو يسقط أمام محدودية النتائج التي نحققها على مستوى عدد المستجيبين لدعوته ونوعيتهم ، في بداية الأمر ، لأن مشروع التغيير الفكري والعملي للحياة وللناس ، ليس بالأمر السهل الذي يمكن أن يتم ، بين عشيّة وضحاها ، تحت تأثير خطبة طويلة ، أو موعظة بليغة ، أو تحليل إسلامي دقيق ، أو غير ذلك من وسائل التوعية ، بل هو أمر يتعلق بالواقع الموضوعي ، للإنسان في فكره وعاطفته وحياته وظروفه المتحركة في أكثر من اتجاه ، مما يتطلّب إعدادا