والرواية عن ابن عباس غير ثابتة ، وعلى تقديرها فهي مقطوعة للحجيّة غير صالحه ، إلاّ أن يقال بكونه من أهل اللغة والخبرة فيعتبر كلامه من هذه الجهة.
ولكن المناقشة فيه بعد معلومية مخالفته للعرف واختيارنا لزوم تقديمه على اللغة عند المعارضة واضحة ، فالقول باعتبارها كما عن المبسوط والخلاف وفي الغنية (١) ضعيف غايته ، وإن ادّعى في الأخير عليه إجماع الإمامية ؛ لوهنه في المسألة بمصير الأكثر إلى خلافه ، مع عدم ظهور مخالف لهم سوى الطوسي في الكتابين خاصّة ، ومع ذلك فعبارته بالاعتبار المحكية غير صريحة فيه ، بل ولا ظاهرة ، من حيث التعبير عنه بالاحتياط الظاهر في الاستحباب ، فلم يبق قائل به صريحاً ، بل ولا ظاهراً إلاّ مدّعي الإجماع ، فكيف يصلح مثله دليلاً؟
والاستصحاب لو تمسّك به مندفع بالإطلاقات.
وربما أيّد المختار جماعة (٢) بأن مع اعتبار العدالة لم يقم للمسلمين سوق بالمرّة ولم ينتظم للعالم حالة ؛ لأن الناس إلاّ النادر منهم إما فاسق أو محتملة ، والجهل بالشرط يقتضي الجهل بالمشروط بالضرورة ، وأنه ما نقل في الروايات وأقوال العلماء المعاصرين للأئمّة عليهمالسلام مع عموم البلوى بالأيتام وأموالهم المنع عن معاملتهم ومناكحتهم وغير ذلك بدون العدالة.
وقد ورد في النصوص الأمر بالمعاملة والمناكحة من غير تقييد بالعدالة ، وفي كثير من المعتبرة دلالة على جواز معاملة الفسّاق وأهل السرقة
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢٨٤ ، الخلاف ٣ : ٢٨٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٩٤.
(٢) منهم : الشهيد في المسالك ١ : ٢٤٨ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٩ : ١٩٤ ، وصاحب الحدائق ٢٠ : ٣٥٢.