ولو انعكس فتجدّد له اليسار بعد الإعسار قبل أن يرجع المحتال ففي جواز الرجوع حينئذ وجهان ، من زوال الضرر ، ومن ثبوت الرجوع قبله فيستصحب. وهذا أظهر ، وفاقاً لإطلاق العبارة وجماعة (١) ؛ لأن الموجب للرجوع ليس هو الإعسار على الإطلاق ليزول بزواله ، بل الإعسار وقت العقد ، وهو متحقق فيثبت حكمه.
( و ) لو استجمعت الحوالة شرائطها المتقدمة ( يبرأ المحيل ) من المال الذي أحال به مطلقاً ( وإن لم يبرئه المحتال ) على الأظهر الأشهر ، كما في المسالك وغيره (٢) ؛ للإجماعات المتقدمة المحكية على انتقال الحق بمجرّد الحوالة.
مضافاً إلى إطلاق النصوص المتقدمة ، وعموم الأدلّة بلزوم الوفاء بالعقود كتاباً وسنةً ، بناءً على أن معنى الحوالة الانتقال من حينها ، نظراً إلى مبدإ اشتقاقها الذي هو التحويل ، فإذا تحققت وجب تحقّق المبدأ.
مع أن الإبراء إما أن يكون قبل الانتقال من ذمّة المحيل أو بعده ، والأوّل يستلزم بطلان الحوالة ، إذ ليس له في ذمّة المحيل حينئذ شيء يحيله به ، والثاني يستلزم تحصيل الحاصل ، لأن ذمّته برئت بالحوالة فلا حاجة إلى إبراء آخر.
__________________
(١) منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ٥ : ٣٦٠ ، والشهيد الثاني في الروضة ٤ : ١٣٧ ، والسبزواري في الكفاية : ١١٥.
(٢) المسالك ١ : ٢٥٩ ؛ وانظر جامع المقاصد ٥ : ٣٦٠.