وحيث إنّه لا خلاف نصّاً وفتوى في إفادته انتقال الملك بمجرّد الدالّ عليه أو مع ضميمة التصرّف ، على الخلاف الآتي ، لا جرم وجب الاقتصار فيه لمخالفته الأصل على ما يتحقّق به الانتقال بالإجماع والضرورة ، وهو ما إذا كان بعقد يتضمّن الإيجاب والقبول ، فلا يكفي المعاطاة فيه وإن اكتفى بها في حصول إباحة التصرّف ، مع أنّه لا خلاف في الأمرين ، بل ظاهرهم الإجماع عليه وعلى كونه من العقود الجائزة.
والصيغة : أقرضتك ، أو انتفع به ، أو تصرف فيه ، أو ملّكتك ، أو خذ هذا ، أو اصرفه وعليك عوضه ، وما أدّى هذا المعنى ؛ لأنّه كما عرفت من العقود الجائزة ، وهي لا تنحصر في لفظ بل تتأدّى بما أفاد معناها.
وإنّما يحتاج إلى ضميمة « وعليك عوضه » ما عدا الصيغة الأُولى ، فإنّها صريحة في معناه لا يفتقر إلى ضميمة ، فيقول المقترض : قبلت ، وشبهه ممّا دلّ على الرضا بالإيجاب.
واستقرب في الدروس الاكتفاء بالقبض ؛ لأنّ مرجعه إلى الإذن في التصرّف (١).
وهو حسن إن أُريد إفادته إباحة التصرّف ، وفيه نظر إن أُريد إفادته الملك المترتّب على صحة القرض ، إذ لا دليل عليه ، وما استدلّ به لا يؤدّي إليه ؛ فإن الإذن في التصرّف لا يؤدّي إلاّ إباحته.
( ويجب الاقتصار على ) أخذ ( العوض ) مثلاً أو قيمة ، من دون زيادة ، عيناً كانت أو صفة ، ربوية كانت العين المستقرضة أم غيرها ، إجماعاً ، كما في المختلف والمسالك وغيرهما (٢) ، بل حكى في العينيّة
__________________
(١) الدروس ٣ : ٣١٨.
(٢) المختلف : ٤١٥ ، المسالك ١ : ٢١٩ ، مجمع الفائدة ٩ : ٦١.