قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح زيارة الغدير

شرح زيارة الغدير

شرح زيارة الغدير

تحمیل

شرح زيارة الغدير

426/464
*

بالرحيل ، وركب الناس ليعودوا إلى الكوفة ، ولكنهم عادوا منقسمين بعد اجتماعهم ، وقطعوا طريق العودة بالتشاتم ، يقول الخوارج : يا أعداء الله أدهنتم (١) في دين الله. ويقول المؤمنون : فارقتم إمامنا ، وفرقتم جماعتنا.

ولم ينفع الخوارج نصح الإمام علي عليه‌السلام ، ووضوح حجته في تمسكه بالهدنة إلى أجلها ، لينظر ما يسفر عنه اجتماع الحكَمَين ، فإن حكما بما جاء به الكتاب ، فهو أحق باتباعه ، وإن حكما بخلافه ، فلا يلزمه عهد ، فأصرّوا على عنادهم ، وما أن اقتربوا من الكوفة ، اعتزلوا الجيش ، وذهبوا إلى حَرَوراء (٢) ، فنزلها منهم اثنا عشر ألفاً ـ على رواية أبي مخنف ـ ونادى مناديهم : (إنَّ أمير القتال : شبث بن ربعي ، وأمير الصلاة : عبد الله بن الكوّاء اليشكري ، والأمر شورى بعد الفتح ، والبيعة لله على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر) (٣).

لم يترك الإمام علي عليه‌السلام الخوارج ، ليبقوا على ضلالهم ، بل حاول إنقاذهم من الضلال ، فأرسل إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، فذهب إلى حروراء ، فنصحهم ، وبيَّن لهم الحقائق ، وأبطل ما علق في أذهانهم من شبهات ، ولكنَّهم لم يذعنوا ، ولم ينفع معهم نصح. فذهب إليهم الإمام علي عليه‌السلام بعد ذلك بنفسه ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : «اللهم إنَّ هذا مقام من أفلج (٤) فيه ، كان أولى بالفلج يوم القيامة ، ومن نطق فيه ، فأوعث (٥) ، فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا. ثم قال

__________________

(١) المداهنة : إظهار خلاف ما يضمر (القاموس المحيط).

(٢) حَرَوراء : قيل : هي قرية بظاهر الكوفة ، وقيل : موضع على ميلين منها ، نزل به الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فنسبوا إليها (معجم البلدان).

(٣) أنساب الأشراف ٣٤٢.

(٤) أفلج : الفلج : الظفر والفوز ، وأفلج الله حجته : قومها وأظهرها (الصحاح).

(٥) أوعث : عجز عن الكلام (المنجد).