أهدر تلك الدماء ، فإنَّه لم يتمكن بعد من قلوب الكثيرين منهم.
إنَّ المكانة التي بلغها الإمام علي عليهالسلام في ال إسلام ، ومنزلته من الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما جاء في فضله من الذكر الحكيم والحديث النبوي الشريف ، كل هذه ال أمور كانت تثير الحسد في نفوس الكثيرين ممن كانوا يطمحون لنيل الفضائل.
عوامل إعراض الإمام علي عليهالسلام عن الخلافة :
لمّا فرغ الإمام علي عليهالسلام من تجهيز الجثمان الطاهر ، ودفنه ، وإذا به يجد كل شي قد تمَّ للقوم ، ولم يبق معه سوى أهل بيته ، ونفر قليل من الصحابة ، يقول عليهالسلام : «فنظرت فإذا ليس لي معين إلّا أهل بيتي ، فضننت بهم عن الموت ، وأغضيت على القذى ، وشربت على الشجى ، وصبرت على أخذ الكظم ، وعلى أمر من طعم العلقم» (١).
وفي ضوء ما تقدم فلم يبق أمام الإمام علي عليهالسلام غير خيارين :
الأول : الجهاد في طلب حقه ، وأخذه بالقوة.
الثاني : الإكتفاء بدعوة الناس إلى نفسه بالتي هي أحسن ، وإقامة الحجة عليهم ، وترك الخلافة ، وحقه المغتصب فيها عند عدم نجاح هذا الأسلوب ، يقول عليهالسلام : «وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء (٢) ، أو أصبر على طخية عمياء (٣) ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى
__________________
(١) نهج البلاغة ١ / ٦٧.
(٢) جذاء : مقطوعة ، كناية عن عدم وجود الناصر.
(٣) طخية : ظلمة.