أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الوظائف الشرعية الجليلة التي اهتم بها الشرع المقدس ، وقد مدح الله تعالى هذه الأمة بقيامها بهذه الوظيفة العظيمة ، فقال : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ)(١) ، وهما من الواجبات الكفائية ، التي يكفي حصولها من أي مسلم ، ولكن إذا تركها الجميع كانوا مقصرين مسؤولين أمام الله عزوجل ، ولتنفيذ هذا الواجب المقدس ثلاث حالات حسب ما تقتضيه الظروف : فامّا الإنكار بالقلب ، عند خوف الضرر البالغ ، أو الإنكار باللسان إذا كان كافياً ، أو استخدام القوة إذا اقتضى الأمر ، وتوفرت شروط ذلك ، وكان ممكناً.
قال الإمام علي عليهالسلام : «أيها المؤمنون ، إنَّه من رأى عدواناً يعمل به ، ومنكراً يدعى إليه ، فأنكر بقلبه فقد سلم وبرئ ، ومن أنكر بلسانه فقد أجر ، وهو أفضل من صاحبه ، ومن أنكر بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الظالمين هي السفلى ، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى ، وقام على الطريق ، ونور في قلبه اليقين» (٢).
وقال عليهالسلام : «فمنهم المنكر للمنكر بيده ، ولسانه ، وقلبه ، فذلك المستكمل لخصال الخير ، ومنهم المنكر بلسانه ، وقلبه ، والتارك بيده ، فذاك متمسك بخصلتين من خصال الخير ، ومضيع خصلة ، ومنهم المنكر بقلبه ، والتارك بيده ، ولسانه ، فذلك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث ، وتمسك بواحدة ، ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه ، وقلبه ، ويده ، فذلك ميت الأحياء» (٣).
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١١٠.
(٢) نهج البلاغة ٤ / ٨٩.
(٣) نهج البلاغة ٤ / ٨٩.