رواية عفيف الكندي :
قال : جئت في الجاهلية إلى مكة ، فنزلت على العباس بن عبد المطلب ، فلمّا ارتفعت الشمس ، وحلقت في السماء ، وأنا أنظر إلى الكعبة ، أقبل شاب فرمى ببصره إلى السماء ، ثمَّ استقبل القبلة ، فقام مستقبلها ، فلم يلبث حتى جاء غلام ، فقام عن يمينه ، فلم يلبث حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما. فركع الشاب ، فركع الغلام والمرأة ، فرفع الشاب ، فرفع الغلام والمرأة ، فخرَّ الشاب ساجداً ، فسجدا معه ، فقلت : يا عباس ، امرٌ عظيم. فقال لي : أمرٌ عظيم. فقال أتدري من هذا الشاب؟. فقلت : لا. فقال : هذا محمد بن عبد الله بن أبي طالب بن عبد المطلب ، هذا ابن أخي ، وقال : تدري من هذا الغلام؟. فقلت : لا ، قال : خديجة ابنة خويلد زوجته ، إنَّ ابن أخي هذا حدثني أنَّ ربك ربّ السماوات والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ، ولا والله ما على ظهر الأرض كلها أحدٌ على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة (١).
والذي نستفيده من هاتين الروايتين هو أنَّ هذين الصحابيين يتحدثان عمّا شاهداه عياناً قبل إسلامهما ، ويرويان عن العباس عليهالسلام ، وأنّض ما شاهداه حصل بعد إعلان الدعوة ، وبعد دعوة العشيرة ، والعباس عليهالسلام يقسم بالله تعالى لكل من الصحابيين بأن ليس على هذا الدين على وجه الأرض غير هؤلاء الثلاثة.
__________________
(١) أسد الغابة ٣ / ٤١٤ ، الإصابة ٤ / ٤٢٥ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٥ ، تاريخ الأمم والملوك ٢ / ٥٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ٣١٣ ، ٤٢ / ٣٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٠٦ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ / ٤٣ ، شواهد التنزيل ١ / ١١٣ ، ١١٦.