والمقداد ، والزبير ، وأضرابهم ، وكل هؤلاء أكرهوا على البيعة بعد أن استتب الأمر للخليفة ، وتسلم السلطة.
وعندما بلغت الإمام علياً عليهالسلام أنباء ما حدث في السقيفة ، استفسر مستغرباً ما حدث : ما قالت الأنصار؟!.
قالوا : قالت منّا أمير ومنكم أمير!.
قال عليهالسلام : فهلّا احتججتم عليهم بأنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوصى بأن يحسن إلى محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم؟!.
قالوا : وما في هذا من الحجة عليهم؟.
فقال عليهالسلام : لو كانت الإمامة فيهم ، لم تكن الوصية بهم.
ثمَّ قال عليهالسلام : فماذا قالت قريش؟.
قالوا : احتجت بأنَّها شجرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال عليهالسلام : إتجوا بالشجرة ، وأضاعوا الثمرة (١).
ومع انشغال الإمام علي عليهالسلام بتجهيز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والصلاة عليه ، ومواراته ، إستغل القوم هذه الفرصة لإبرام البيعة ، برضا من رضي بها ، وإكراه من أكره.
ولا شك أنَّ هناك عوامل ساعدت في نجاح هذا التدبير في إبرام البيعة ، وإقصاء الإمام علي عليهالسلام ، فالقرشيون وغيرهم هم أبناء القبائل العربية التي دخلت في الإسلام ، كانوا موتورين ؛ لأنَّه قتل ـ في مختلف المعارك التي دارت بين المسلمين والمشركين ـ العديد من رجالهم وأبطالهم ، ولأنَّه كان يعد رئيس بني هاشم بعد الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان هو المسؤول عن تلك الدماء التي أريقت ـ حسب ما تقتضيه قواعد الثأر القبلية في الجاهلية ـ وإذا كان الإسلام هو الذي
__________________
(١) نهج البلاغة ١ / ١١٦.