وإفطارك في شهر رمضان (١)».
وقال ابن أبي الحديد : (وروى صاحب كتاب الغارات ، أنَّ علياً عليهالسلام لمّا حدّ النجاشي ، غضبت اليمانية لذلك ، وكان أخصهم به طارق بن عبد الله بن كعب النهدي ، فدخل عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما كنا نرى أهل المعصية ، والطاعة ، وأهل الفرقة ، والجماعة عند ولاة العدل ومعادن الفضل سيّان في الجزاء ، حتى رأينا ما كان من صنيعك بأخي الحرث ، فأوغرت صدورنا ، وشتت أمورنا ، وحملتنا على الجادة التي كنا نرى أنَّ سبيل من ركبها النار. فقال عليهالسلام : (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)(٢) ، يا أخا نهد ، وهل هو إلّا رجل من المسلمين ، انتهك حرمة من حرم الله ، فأقمنا عليه حداً كان كفارته؟! إنَّ الله يقول : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ)(٣) ... [إلى أن قال] : ولمّا جنه الليل ، همس (٤) هو والنجاشي إلى معاوية) (٥).
بالإمام علي عليهالسلام لم يكن ممن يطلب النصر بالجور ، ولا ممن يقدِّم مصلحته الشخصية على حساب دينه ، حتى يترك من ينصره ، وهو ينتهك حرمات الله تعالى ، ولا يهمه أن يهرب من عدله من هرب ، لأنَّه غضب لغضب الله عزوجل ، فأقام حدّاً من حدوده ، والدنيا عنده لا تعدل شيئاً ، ليداهن من أجلها.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٨٨.
(٢) البقرة ٢ / ٤٥.
(٣) المائدة ٥ : ٨.
(٤) تسلل ليلاً وهرب.
(٥) شرح نهج البلاغة ٤ / ٨٩.