وبهذه الصراحة ، والقوة ، والبلاغة ، عرّف الإمام السجّاد عليهالسلام للمتفرّجين ـ ولمن وراءهم ـ هذا الركب المأسور ، الذي نبزوه بأنه ركب الخوارج!
ففضح الدعايات ، وأعلن بذلك أنه ركب يتألف من أهل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وافصح بتلاوة الآيات والأحاديث ، أنه ركب يحمل القرآن والسنّة ، ليعرف المخدوعون أن هذا الركب له ارتباط وثيق بالإسلام من خلال مصدريه الكتاب والسنّة.
وهو ـ من لسان هذين المصدرين ـ يصبّ اللعنة والنقمة على من آذى هذا الركب ، من دون أن يمكّن الأعداء من التعرّض له ، لأنه عليهالسلام إنّما يروي اللعنة الصادرة من الرسول وعلى لسانه!
كان هذا الموقف ، حين أخذ الناس الوجوم ، من عظم ما جرى في وقعة كربلاء ، وما حلّ بأهل البيت عليهالسلام من التقتيل والأسر ، وذهلوا حينما رأوا الحسين سبط الرسول وأهله وأصحابه مجزّرين! ويرون اليوم ابنه ، وعيالاته أسرى ، يساقون في العواصم الإسلامية.
والأسر ـ في قاموس البشر ـ يوحي معاني الذلّ والهوان ، والضعف والأنكسار!
هذا ، والناس يفتخرون بالانتماء الى دين الرسول وسنته.
والأنكى من ذلك أنّ الجرائم وقعت ولمّا يمض على وفاة الرسول ـ جدّ هؤلاء الأسرى ـ نصف قرن من الزمن!!
وموقفه الآخر في مجلس يزيد ، فقد أوضح فيه عن هويّته الشخصية ، فلم يدع لجاهل عذرا في الجلوس المريب ، وذلك في المجلس الذي أقامه يزيد ، للأحتفال بنشوة الانتصار ولابدّ أنه جمع فيه الرؤوس والأعيان ، فانبرى الإمام السجاد عليهالسلام ، في خطبته البليغة الرائعة ، التي لم يزل يقول فيها : « أنا ... أنا ... » معرّفا بنفسه ، وذاكرا أمجاد أسلافه « حتى ضجّ المجلس بالبكاء والنحيب » حسب تعبير النص (١) الذي سنثبته كاملا :
__________________
(١) مقتل الحسين عليهالسلام ، للخوارزمي ( ٢ / ٧١ ).