البذخ والترف والإسراف والإهدار لأموال بيت المال ، ومن منع الموالين لعلي عليهالسلام من الرزق والعطاء ، ومن حاجة الشخصيات مثل محمد بن اُسامة بن زيد ، فضلا عن عوائل الشهداء المغضوب عليهم من قبل الدولة.
لو قارنّا بين الأمرين : لعلمنا ـ بكل وضوح ـ أن لأعمال الإمام عليهالسلام بعدا سياسيّا ، وهو الوقوف أمام استغلال السلطة للأزمة الأقتصادية عند الناس ، ومنع استدراج الظالمين لذوي الحاجة والمحنة وخاصة المنكوبين الى مهاوي الانتماء إليها أو حتى الفساد والجريمة ، بالمال الذي استحوذت الدولة عليه ، وأن لا تطبّق به سياسة التطميع بعد التجويع.
٣ ـ ضدّ الرقّ :
إن تحرير الرقيق يشكل ظاهرة بارزة في حياة الإمام زين العابدين عليهالسلام بشكل ليس له مثيل في تاريخ الإمامة ، فهو أمر يسترعي الانتباه والملاحظة.
وإذا دقّقنا في الظروف والملابسات التي عايشها الإمام ، وقمنا ببعض المقارنات بين أعمال الإمام ، والأحداث التي كانت تجري من حوله ، والظروف التي تكتنف عملية الإعتناق الواسعة التي تبنّاها الإمام زين العابدين عليهالسلام ، تتضح الصورة الحقيقيّة لأهداف الإمام عليهالسلام من ذلك.
فيلاحظ أولا :
١ ـ أنّ أعداد الرقيق ، والعبيد ، كانت تتواتر على البلاد الإسلامية ، فكان الموالي في ازدياد بالغ مذهل ، على أثر توالي الفتوحات (١).
٢ ـ أن الأمويين كانوا ينتهجون سياسة التفرقة العنصرية ، فيعتبرون الموالي شبه الناس (٢).
٣ ـ أن الجهاز الحاكم على الدولة الإسلامية ، أخذا من نفس الخليفة ، الى جميع الأمراء وموظفي الدولة ، لا يمثّل الإسلام ، بل كان كل واحد يعارض معنوياته
__________________
(١) لاحظ فجر الإسلام لأحمد أمين ( ص ٩٠ ).
(٢) تاريخ دمشق ومختصره لابن منظور ( ١٧ : ٢٨٤ ).