وأخيرا : مع كتاب « رسالة الحقوق »
إن رسالة الحقوق التي نظّمها الإمام زين العابدين عليهالسلام تدل على اهتمام الإمام بكل ما يدور حوله في المجتمع الإسلامي ، وعنايته الفائقة بسلامته النفسية والصحيّة ، ورعايته لأمنه واستقراره ، وحفاظه على تكوينته الإسلامية.
وإذا نظرنا الى ظروف الإمام عليهالسلام من جهة ، والى ما يقتضيه تأليف هذه الحقوق ، من سعة الافق وشموليته من جهة أخرى ، وقفنا على عظمة هذا العمل الجبّار الذي صنعه الإمام قبل أربعة عشر قرنا.
إن صنع مثل هذا القانون في جامعيته ودقّته وواقعيته ، لا يصدر إلاّ من شخص جامع للعلم والعمل ، مهتّم بشؤون الأُمة ، ومتصد لإصلاحها فكريا وثقافيا ، واقتصاديا ، واجتماعيا ، وإداريا ، وصحيّا ، ونفسيّا ، ولا يصدر ـ قطعا ـ من شخص منعزل عن العالم ، وعن الحياة الاجتماعية ، ولا مبتعد عن السياسة واُمور الحكم والدولة!
ولذلك فإنا نجد الرسالة تحتوي على حقوق مثل : حقّ السلطان ، وحق الرعيّة ، وحق أهل الملّة عامّة ، وحقّ أهل الذمّة ، وغيرها ممّا يرتبط باُمور الدولة والحكم وتنظيم الحياة الاجتماعية ، الى جانب الشؤون الخاصة العقيديّة والعبادية والماليّة ، وكل ما يرتبط بحياة حرّة كريمة للفرد ، وللمجتمع الذي يعيش معه ، ومثل هذا لا يصدر ممّن يعتزل الحياة الاجتماعية.
ورسالة الحقوق عمل علمي عظيم يستدعي دراسة موضوعية عميقة شاملة ، تقف من خلالها على أبعاد دلالتها على حركة الإمام زين العابدين عليهالسلام الاجتماعية ، وخاصّة من المنظار السياسي ، وما استهدفه من بيانها ونشرها.
ونقدّم هنا مقطعين هامّين ، يرتبطان مباشرة باُمور الإدارة والحياة الاجتماعية ، وهما حقّ السلطان على الرعيّة ، وحقّ الرعيّة على السلطان:
قال عليهالسلام ـ في حقوق الأئمّة ـ : وأما حق سائسك بالسلطان :