فقال الزهري : ( اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) [ الأنعام «٦» الآية «١٢٤» ] فرجع الى ماله وأهله (١).
وكان يقول ـ بعد ذلك ـ : علي بن الحسين أعظم الناس عليّ منّة (٢).
ومنها : التصغير والتهوين :
فحيثما كان الزهري وعروة بن الزبير ينالان من الإمام علي عليهالسلام ، بلغ ذلك علي بن الحسين عليهالسلام فجاء حتى وقف عليهما ، وقال :
أمّا أنت يا عروة ، فإنّ أبي حاكم أباك الى الله فحكم لأبي على أبيك.
وأمّا أنت يا زهري ، فلو كنت بمكة لأريتك كيرَ أبيك (٣).
ومنها : التكذيب لتزلّفاته :
ففي الحديث أن الزهري قال لعلي بن الحسين عليهالسلام : كان معاوية يسكته الحلم ، وينطقه العلم!
فقال الإمام عليهالسلام : كذبت يا زهري ، كان يسكته الحصَر ، وينطقه البَطَر (٤).
ومنها : الرسالة التي وجّهها الإمام عليهالسلام إليه :
ويبدو أن الزهري لم يأبه بكلّ النصائح والتوجيهات السابقة ، فتوغّل في دوّامة الحكم الغاشم ، والتحق بالبلاط الشاميّ ، فلم يتركه الإمام عليهالسلام ، بل أرسل إليه رسالة دامغة ، يصرّح فيها بكل أغراضه ، ويكشف له ، ولأمثاله ، أخطار الاتصال بالأجهزة الظالمة.
وقد رواها العامة والخاصة ، ونصّ الغزّالي على أنها كتبت الى الزهري « لما خالط السلطان » (٥).
__________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ( ١٧ : ٢٤٥ ) وكشف الغمة ( ٢ : ٣٠٢ ) وبحار الأنوار ( ٤٦ : ٧ ).
(٢) تاريخ دمشق ( الحديث ١٢٥ ) ومختصره لابن منظور ( ١٧ : ٢٤٦ ).
(٣) شرح نهج البلاغة ( ٤ : ١٠٢ ).
(٤) الاعتصام ( ٢ : ٢٥٧ ) وانظر نزهة الناظر ( ص ٤٣ ).
(٥) إحياء علوم الدين ( ٢ : ١٤٣ ) وانظر المحجة البيضاء في إحياء الاحياء ( ٣ : ٢٦٠ ).