[ الجاثية (٤٥) الآية ١٤ ].
فقال الغلام : وأما أنا كذلك ، إني لأرجوا رحمة الله وأخاف عقابه.
فألقى السوط ، وقال : أنت عتيق (١).
فلقد لقّنه الإمام عليهالسلام بقراءة الآية ، وهو يختبر معرفته بمعناها وذكاءه ، فأعتقه مكافأة لذلك.
٤ ـ وكان عند الإمام عليهالسلام قوم ، فاستعجل خادم له شواءاً كان في التنّور ، فأقبل به الخادم مسرعا ، وسقط السفود من يده على بنيّ للإمام عليهالسلام أسفل الدرجة ، فأصاب رأسه ، فقتله ، فوثب الإمام عليهالسلام ، فلمّا رآه ، قال للغلام : إنك حرّ ، إنك لم تتعمّده وأخذ في جهاز ابنه (٢).
ولعملية الإعتاق على يد الإمام عليهالسلام صور مثيرة أحيانا ، تتجاوز الحسابات المتداولة :
ففي الحديث المتقدّم عن سعيد بن مرجانة ، وجدنا أن الإمام عليهالسلام قد أعتق غلاما اسمه « مطرف » وجاء في ذيل الحديث ، أن عبدالله بن جعفر الطيّار كان قد أعطى الإمام زين العابدين عليهالسلام بهذا الغلام « ألف دينار » أو « عشرة آلاف درهم» (٣).
ففي إمكان الإمام عليهالسلام أن يبيع الغلام بهذا الثمن الغالي ، ويعتق بالثمن مجموعة من الرقيق أكثر من واحد ، ولكن الإصرار على إعتاق هذا الغلام بالخصوص ـ مع غلاء ثمنه ـ يحتوي على معنى أكبر من العتق :
فهو تطبيق لقوله تعالى : ( لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ) [ سورة آل عمران (٣) الآية : ٩٢ ].
وهو إيماء إلى أن الإنسان لا يعادل بالأثمان ، مهما غلت وعلت أرقامها!
ولعلّ السبب الاساسي هو : أن غلاء ثمن الغلام لا يكون إلاّ من أجل أدبه ، وذكائه ، وحنكته ، وقوّته ، وغير ذلك مما يجعله فردا نافعا ، فإذا صار حرّا ، وهو
__________________
(١) تاريخ دمشق ( الحديث ١١٣ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٤٤ ).
(٢) تاريخ دمشق ( الحديث ١١٨ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٤٤ ).
(٣) تاريخ دمشق ( الحديث ٨٢ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٣٩ ).