على الظلم (١).
وهذا حسم قيّم في هذا المجال ، حيث أن الميل الى العصبة والقبيلة أمر طبيعيّ ، جرت عليه العادة ، فإذا كان على أساس الحب والولاء فهو أمر جيّد ، لكن إذا كان على أساس المحاباة ، وظلم الآخرين وعلى حساب حقوق الأباعد ، أو كان من باب اعانة الظالم ، فهذا هو المردود في الإسلام.
والذي يدّعيه أصحاب النعرات العنصريّة ، وأهل الغرور والجهل ، الفارغين من القيم ، كبني اُميّة ، هو النوع الثاني.
إنّ هذه التصريحات ، وتلك المواقف ، بقدر ما كانت مثيرة للسلطة المتبيّنة لسياسة العصبية والعنصرية ، حتّى أثارت أحاسيس الملك نفسه ، فهي في الوقت ذاته كانت منيرة للدرب أمام الاُمة الإسلامية بكلّ طوائفها وأجناسها وألوانها وشعوبها وقبائلها ، تلك المغلوبة على أمرها ، تفتح أمامها أبواب الأمل بالإسلام ورجاله المخلصين ، الذين يقود مسيرتهم في ذلك العصر الإمام زين العابدين عليهالسلام.
٢ ـ ضد الفقر :
من المشاكل الاجتماعيه الخطيرة ، التي يستغلها الحكام لاٍحكام سيطرتهم على الأمة هي مشكلة الفقر والعوز والحاجة الى المال ، فإن السلطات تحاول اتّباع سياسة التجويع من جهة ، لإخضاع الناس وترغيبهم في العمل مع السلطات ، وثم سياسة التطميع والتمويل من جهة أخرى ، لتعويد الناس على الترف وزجّهم في الجرائم والآثام.
وهم بهذه السياسة يسيطرون على عصب الحياة في البلاد ، وهو المال ، يستفيدون منه في القضاء على من لا يرضى بهم ، وفي جذب من يرضون به من ضعفاء النفوس أمام هذه المادّة المغرية.
وقد ركن معاوية الى هذه السياسة في بداية سيطرته على البلاد ، فأوعز الى ولاته في جميع الأمصار : انظروا من قامت عليه البينّة أنه يحبّ علياً وأهل بيته فامحوه من
__________________
(١) بلاغة علي بن الحسين عليهالسلام ( ص ٢٠٣ ).