وموقفه من هشام بن عبدالملك.
وموقف الإمام زين العابدين عليهالسلام من هشام ، من أشهر المواقف بين المسلمين ، وقد تناقله الأعلام في صحفهم وكتبهم ، وأرسلوه إرسال المسلمات ، وفيه من الدلالات الواضحة على قيام الإمام عليهالسلام بالاستفزاز السياسي ، ما لا يخفى على أحد.
والحديث : أن هشام بن عبدالملك حجّ في خلافة أبيه ، فطاف بالبيت ، وأراد أن يستلم الحجر الأسود ، فلم يقدر عليه من الزحام ، فنصب له منبر فجلس عليه.
فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليهالسلام ، عليه إزار ورداء ، أحسن الناس وجها ، وأطيبهم رائحة ، وبين عينيه سجّادة ، كأنّها ركبة بعير.
فجعل يطوف بالبيت ، فإذا هو بلغ الى موضع الحجر تنحّى الناس له عنه ، حتى يستلمه ، هيبة له وإجلالا.
فقال رجل من أهل الشام لهشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة ، فأفرجوا له عن الحجر؟!
فقال هشام : لا أعرفه! ـ لئلا يرغب فيه أهل الشام ـ!
فقال الفرزدق ـ وكان حاضرا ـ : أنا أعرفه :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته |
|
والبيت يعرفه والحل والحرم |
هذا ابن خير عباد الله كلّهم |
|
هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم |
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله |
|
بجدّه أنبياء الله قد ختموا |
يكاد يمسكه عرفان راحته |
|
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم |
من معشر حبّهم دين وبغضهم |
|
كفر وقربهم منجى ومعتصم |
إن عدّ أهل التقى كانوا أئمّتهم |
|
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم |
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت |
|
والاُسدُ اُسدُ الشرى واليأس محتدم (١) |
__________________
(١) هذه الأبيات هي التي اختارها الاستاذ الفاضل المحقق الدكتور السيد جعفر الشهيدي ، من مجموع ما نسب الى الفرزدق في مدح الإمام السجاد عليهالسلام بعنوان « الميميّة » بعد أن أشبعها بحثا وتحقيقا في كتابه القيّم « زندگاني علي بن الحسين عليهالسلام » ( الصفحات ١١٢ ـ ١٣٣ ) وقد فصّل فيه