بل ، إن المسعودي يذكر : ان حركة أهل المدينة وإخراجهم بني أمية وعامل يزيد ، من المدينة ، كان عن إذن ابن الزبير (١).
فلم يكن لأهل البيت ، ولا للإمام السجاد عليهالسلام ، دور ولا موقع في أهداف أهل المدينة ، وأصحاب الحرّة ، لماّ تحرّكوا ضد حكم يزيد!
بينما كان دخول الإمام عليهالسلام معهم ـ في التحرك ـ توقيعا على شرعيّة حركتهم.
والحقّ أن أهل المدينة جفوا الإمام السجاد عليهالسلام بعد كربلاء ، وهذه الحقيقة كانت واضحة ، حتى أعلنها الإمام في قوله : « ما بمكّة والمدينة عشرون رجلا يحبّنا » (٢)
ولعل علم الإمام عليهالسلام بما كان عليه أهل المدينة من ضعف وقلّة ، في مواجهة ما كان عليه أهل الشام من كثرة وبطش وقسوة ، من دواعي حياده عليهالسلام.
مضافا الى أن اتّخاذه القرار السابق ، بالابتعاد عن المدينة ، للأسباب والمبرّرات التي ذكرناها سابقا ، كان كافيا لعدم تورّطه في هذه الحركة.
ويظهر أن الدولة التي واجهت هذه المرّة حركة أهل المدينة ، كانت على علم بجفاء أهل المدينة لأهل البيت عليهمالسلام ، وبما أنها قد أسرفت من قبل في إراقة دماء أهل البيت عليهمالسلام ، أرادت أن تستفيد من الوضع ، بالتزلّف الى علي بن الحسين والتودّد إليه ، لامتصاص النقمة ، فلم تتحرّش به ، بل حاولت أن يتمثّل الناس به ، حسب نظر رجال الدولة!
ثم إن اختيار أهل الحرّة للمدينة بالذات مركزا للتحرّك ، كان من أخطر الأخطاء التي ارتكبوها ، كما أخطأ ابن الزبير في اتخاذه مكّة ، والمسجد الحرام بالخصوص ، مركزا لتحركه ، حتى عرّضوا هذين المكانين الحرمين المقدّسين لهجمات أهل الشام اللئام وانتهاك الأمويين الحاقدين على الإسلام ومقدّساته.
بينما أهل البيت عامة ، بدءا بالإمام علي أمير المؤمنين عليهالسلام ، ومرورا بالإمام
__________________
(١) مروج الذهب ( ٣ : ٧٨ ).
(٢) شرح نهج البلاغة ( ٤ : ١٠٤ ).