إنّ الله ليقرّب الواحد منكم الى الجنّة بكلمة طيّبة يكلّم أخاه المؤمن الفقير ، بأكثر من مسيرة ماءة عام بقدمه ، وإن كان من المعذّبين بالنار.
فلا تحتقروا الإحسان الى إخوانكم ، فسوف ينفعكم حيث لا يقوم مقام غيره (١).
وهو عليهالسلام في الوقت الذي يجد من أنصار الحق تذمّرا ، أو وهنا ، أو تألما من مجاري الأحداث حولهم ، يهبّ لنجدتهم ، وتقويتهم روحيا ومعنويا ، فيقول :
فما تمدّون أعينكم؟
لقد كان من قبلكم ، ممّن هو على ما أنتم عليه ، يؤخذ فتقطع يده ورجله ويصلب!
ثم يتلو عليهالسلام : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء ... ) [ البقرة (٢) : ٢١٤ ] (٢).
وبكل هذه الجهود والتحصينات والتعاليم المركّزة ، ترّبى جيل صامد من المؤمنين ، المتسلّحين بالإسلام ، بعلومه وعقيدته وتقواه وإخلاصه ، فأصبحوا أمثلة للشيعة وقدوة صالحة للتعريف لمن يستحق هذا الاسم من المنتمين الى التشيّع ، من أمثال :
يحيى بن اُمّ الطويل :
الذي عدّ من القلائل الذين بقوا ـ بعد كربلاء ـ على ولائهم واتصالهم بالإمام زين العابدين عليهالسلام (٣) ، بل هو من حوارييه (٤) ، ومن أبوابه (٥).
وكان من المجاهرين بالحق ، كان يقف بالكناسة في الكوفة ، وينادي بأعلى صوته :
معاشر أولياء الله!
إنا بُرءآء مما تسمعون.
من سب عليّا عليهالسلام فعليه لعنة الله.
ونحن برءآء من آل مروان وما يعبدون من دون الله.
ثم يخفض صوته فيقول : من سبّ أولياء الله فلا تقاعدوه ، ومن شكّ في ما نحن
__________________
(١) بلاغة علي بن الحسين عليهالسلام (ص ٥٠).
(٢) بحار الأنوار ( ٦٧ ـ ١٩٧ ).
(٣) اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشي ) ( ص ١٢٣) رقم (١٩٤).
(٤) معجم رجال الحديث ( ٢٠ : ٤٢ ).
(٥) تاريخ أهل البيت عليهمالسلام (ص ٤٨).