ونحن وأن كنّا ابعدنا هذا العنصر عن ما نستشهد به ، إلاّ أن الذين يريدون أن يضفوا على حياة الإمام السجاد عليهالسلام أشكال العبادة والزهد والحياة الروحية ، عليهم أن لا يستبعدوا هذا العنصر!
مع أن خوف الإمام عليهالسلام وفزعه ، من الجيش السفّاك ، ولجوءه وعوذه بالحرم الشريف ، وسبّ القائد الاموي له وتبرّءه منه ، أدلة كافية في إثبات أن الإمام عليهالسلام كان مستهدفا ، الاّ أن سياسته الحكيمة التي اتخذها منذ دخوله المدينة كانت من أسباب نجاته وخلاصه من المصير الذي سحق كبار أهل المدينة وأشرافها!
ورجع الإمام عليهالسلام الى المدينة :
ليواجه الخطر المحدق بالإسلام ، والذي انتشر في نفوس الامة وهو اليأس والقنوط من الدين وأهدافه ، بعدما تعرّض الحسين ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمثل هذا القتل ، وماتعرّض له أهله من التشريد والسبي ، في بلاد المسلمين.
فهذا الوزير عبيد الله بن سليمان كان يرى : أن قتل الحسين أشدّ ما كان في الإسلام على المسلمين ، لأن المسلمين يئسوا بعد قتله من كل فرج يرتجونه ، وعدل ينتظرونه (١).
هذا بالنسبة الى أصل الإسلام.
وأما بالنسبة الى الإمامة ، والى أهل البيت ، والى الإمام عليهالسلام ، فقد تفرّق الناس عنهم ، وأعرضوا ، بحيث عبّر الإمام الصادق عليهالسلام عن ذلك : بالارتداد.
قال عليهالسلام : أرتدّ الناس بعد قتل الحسين عليهالسلام إلاّ … (٢).
وكان منشأ اليأس والردّة : أنهم وجدوا الآمال قد تبدّدت بقتل القائد ، وسبي أهله ، وظهور ضعف الحقّ وقلة أنصاره ، هذا من جهة.
__________________
(١) نقله الثعالبي في آخر كتاب ( ثمار القلوب ) بواسطة : علي جلال في ( الحسين عليهالسلام ) ( ٢ : ١٩٥ ).
(٢) اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشي ) ( ص ١٢٣ ) رقم (١٩٤).