المنطق « شرطا » لشيء ، فضلا عن الإمامة!
إلاّ أنّه يحتوي على فضيلة هذه العناوين كلّها بأعظم شكل ، إذ أنه يُعدّ في قاموس النهضات « بطولة » وفي وجدان الشعوب « تضحية » وفي روح الدين « فداءا » وعلى صفحات التاريخ « خلودا » ويكون قاعدة لإصلاحات كبيرة ، وبارودا لانفجارات مهيبة ، بعيدة أو قريبة ، كما كانت نهضة الإمام الحسين الشهيد عليهالسلام. (١)
وأخيرا : فإنّ من الممكن نفي اشتراط الإمامة بـ « الخروج بالسيف » خاصّة ، على أساس المفهوم من حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ دالا على إمامة الحسن والحسين عليهماالسلام ـ بقوله : « ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا ».(٢)
فإن القيام لو كان شرطا للإمامة ، والقعود لو كان منافيا لها ، لما كان ـ حتى للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن يثبتها للحسنين عليهماالسلام مع فرض القعود!.
ثم إنّ الحسنين عليهماالسلام ، قد استجمعا هذا الشرط ، فقاما وناضلا ، فما هو المبرّر لفرض القعود في حقّهما؟ وإبراز إمامتهما مع القعود؟ فليس من الحكمة إضهار هذا المعنى ، لو كان حديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم موجّها إليهما بالخصوص.
إلاّ أنّ من الواضح أنّ المراد تعميم الحكم المذكور على الإمامة نفسها ، باعتبارها واقعا واحدا ، وعلى الأئمة جميعهم ، باعتبارهم قائمين بأمر بعينه.
والمفهوم من الحديث : أنّ الإمامة إذا ثبتتْ حسب الموازين المتّفق عليها ، التي أهمّها النصّ ، فإنّ القيام بالأمر والقعود ، متساويان.
__________________
(١) تحدّثنا عن ذلك في رسالة « ذكرى عاشوراء والاستلهام من معطياتها فقهيا وأدبيا ». ولا تزال مخطوطة.
(٢) حديث متفق عليه بين المسلمين : صرّح بذلك الشيخ المفيد في النكت (ص ٤٨) الفقرة (٨٢) ورواه الصدوق في علل الشرائع (١ : ٢١١) عن الحسن عليهالسلام ، والخزّاز في كفاية الأثر (ص ١١٧) من حديث أبي أيّوب الأنصاري ، والمفيد في الإرشاد (ص ٢٢٠) وابن شهر آشوب في المناقب (٣ : ٣٩٤) وقال : أجمع عليه أهل القبلة ، ورواه مجدالدين في التحف (ص ٢٢) وأرسله في حاشية شرح الأزهار (٤ : ٥٢٢) نقلا عن كتاب الرياض ، ورواه الناصر في ينابيع النصيحة (ص ٢٣٧) وقال : لا شبهة في كون هذا الخبر مما تلقته الامة بالقبول وبلغ حدّ التواتر فصحّ الاحتجاج به.