بحزم الى رواية الحديث ونشره وبثّه ، على طول تلك الفترة!
وقد عرفنا أنّ الإمام السجاد ـ كما قال ابن سعد ـ : كان « ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا ورعا » (١) وقد أكثر من نقل الحديث وروايته حتى أفاد علما جمّا ، كما قال النسّابة العمري (٢).
ولا ريب في أن تصدي الإمام السجاد عليهالسلام للوقوف في وجه المنع السلطوي ، وقيامه بأمر رواية الحديث ونقله ، ليس إلاّ تحديا صارخا لأوامر الدولة وسياستها!
ثم إنه عليهالسلام كان يطبّق السنة ويدعو الى تطبيقها والعمل بها فقد روي عنه أنه قال : إن أفضل الإعمال ما عمل بالسنّة وإن قلّ (٣).
وكان يندّد بمن يستهزيء بحديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويدعو عليه ويقول : ما ندري ، كيف نصنع بالناس؟! إن حدّثناهم بما سمعنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ضحكوا ، وإن سكتنا لم يسعنا ، ثم ندّد بمن هزأ من حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤).
وقد رويت عن الإمام السجاد عليهالسلام مجموعة كبيرة من الأحاديث المسندة المرفوعة ، وأخرى موقوفة على آبائه عليهمالسلام.
وأمّا ما صدر منه من الحديث الذي يعتبر من عيون الحديث الذي يعتزّ به التراث الشيعي فكثير جدا ، ولذلك عدّ الحافظ الذهبي ، الإمام السجاد عليهالسلام من الحفاظ الكبار وترجم له في طبقات الحفّاظ الكبار (٥).
ومع كل هذا ، فأين موقع كلمة قالها بعض النواصب أن الإمام عليهالسلام كان « قليل الحديث »!؟
__________________
(١) تهذيب التهذيب ( ٧ / ٣٠٥ ).
(٢) المجدي في الأنساب (ص ٩٢) وتدوين السنة الشريفة ( ص ١٤٩ ـ ١٥٢ ).
(٣) المحاسن ، للبرقي (ص ٢٢١) ح (١٣٣).
(٤) الكافي ( ٣ / ٢٣٤ ) الحديث ٤ ، وبحار الأنوار ( ٤٦ / ١٤٢ ) وعوالم العلوم ( ص ٨٥ وص ٢٩٠ ).
(٥) تذكرة الحفاظ ( ١ / ٧٤ ـ ٧٥ ).
(٦) قال ذلك الزهري ، كما في تهذيب التهذيب ( ٧ / ٣٠٥ ) وقد كذّب الزهريّ قومه ، كما أنه متهم