يحافظ عليه ببقاء أفكاره وقيمه ، والأعداء إنّما يستهدفون تلك الأفكار والقيم في محاولاتهم ضدّه ، وإذا كان شخص مثل الإمام موجودا في الساحة ، فإنه ـ لا ريب ـ أعظم سدّ أمام محاولات الأعداء.
وكذلك الأعداء إنما يبادون بضرب أهدافهم ، واجتثاب بدعهم وفضح أحابيلهم ، والكشف عن دجلهم ، ورفع الأغطية عن نيّاتهم الشرّيرة تجاه هذا الدين وأهله ، والإفصاح عن مخالفة سيرتهم للحق والعدل.
وعلى يد الإمام السجاد عليهالسلام يمكن أن يتمّ ذلك بأوثق شكل وأتمّ صورة ، وأعمق تأثير.
ثمّ ، أليس الجهاد بالكلمة واحدا من أشكال الجهاد ، وإن كان أضعفها؟ بل ، إذا انحصر الامر به ، فهو الجهاد كلّه ، بل أفضله ، في مثل مواقف الإمام السجاد عليهالسلام ، كما ورد في الحديث الشريف ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر » (١).
ولنصغ الى الإمام السجاد عليهالسلام في بعض تلك المواقف :
فمن كلام له عليهالسلام كان يعلنه وهو في أسر بني أمية :
« أيّها الناس!
إنّ كلّ صمت ليس فيه فكر فهو عيّ ، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو هباء.
ألا ، وإنّ الله تعالى أكرم أقواما بآبائهم ، فحفظ الابناء بالآباء ، لقوله تعالى : ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ) [ سورة الكهف الآية (٨٢) ] فأكرمهما.
ونحن ـ والله ـ عترة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأكرمونا لأجل رسول الله ، لأن جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول في منبره : « احفظوني في عترتي وأهل بيتي ، فمن حفظني حفظه الله ، ومن آذاني فعليه لعنة الله ، ألا ، فلعنة الله على من آذاني فيهم » حتى قالها ثلاث مرات.
ونحن ـ والله ـ أهل بيت أذهب الله عنّا الرجس والفواحش ما ظهر منها وما بطن ... » (٢).
__________________
(١) الروض النضير ( ٥ / ١٣ ) وانظر الكنى للدولابي ( ١ / ٧٨ ).
(٢) بلاغة علي بن الحسين عليهالسلام ( ص ٩٥ ) عن المنتخب للطريحي.