عن الرضا عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام ، قال : قال علي بن الحسين : إنّي لأستحيي من الله عزوجل أن أرى الأخ من إخواني ، فاسأل الله له الجنة ، وأبخل عليه بالدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قيل لي : « لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل وأبخل » (١).
إنه رفع لمستوى مقاومة المشكلة الى مستوى مثاليّ رائع ، وخطاب موجّه الى كل من يعمل في الدنيا على حساب نعيم الآخرة ، لا على معطياتها الدنيوية فقط ، إنّه معنى عرفاني دقيق ، ورفيع ، وبديع.
وأسلوب آخر ، يدلّ على إصرار الإمام عليهالسلام لتجاوز المشكلة :
قال عمرو بن دينار : دخل علي بن الحسين على محمّد بن اُسامة بن زيد ، في مرضه ، فجعل محمّد يبكي ، فقال : ما شأنك؟
قال محمد : عليّ دين.
قال : كم هو؟ قال : خمسة عشر ألف دينار ـ أو بضعة عشر ألف دينار ـ.
قال الإمام : فهي عليّ (٢).
وقد جاء في الحديث أن الإمام عليهالسلام قاسم الله تعالى ماله مرتين (٣).
هذا من جهة.
ومن جهة اُخرى : نجد الإمام عليهالسلام يؤكّد على تداول الثروة ويحثّ على تنميتها ، واستثمار الأموال ، وعدم تجميدها ، لأن تجميدها هو التكنيز المذموم ، للخسارة الواضحة فيها ، ولاحتمال سقوط القيمة الشرائية لها ، وتسبيبها لعدم ازدهار السوق الإسلامية ، بينما تداولها يؤدّي الى نقيض كلّ ذلك.
فقد قال الإمام عليهالسلام : استنماء المال تمام المروءة (٤) وفي نصّ آخر : استثمار المال (٥).
وأذا قارنّا هذه المواقف من الإمام عليهالسلام بما كان يجري على أيدي بني أميّة من
__________________
(١) تاريخ دمشق ( الحديث ٨٤ ) مختصر أبن منظور ( ١٧ : ٢٣٩ ) وتهذيب التهذيب ( ٧ : ٣٠٦ ).
(٢) تاريخ دمشق ( الحديث ٨٣ ) مختصر أبن منظور ( ١٧ : ٢٣٩ ).
(٣) تاريخ دمشق ( الحديث ٧٥ ).
(٤) تحف العقول ( ص ٢٨٣ ).
(٥) فيي هامش المصدر السابق.