وعن عمرو بن ثابت ، قال : لمّا مات علي بن الحسين عليهالسلام وجدوا بظهره أثراً ، فسألوا عنه؟ فقالوا : هذا ممّا كان ينقل الجراب على ظهره الى منازل الأرامل (١).
وهذه الدقة في السّرّية كانت من أجل إلهاء عيون الدولة عن مواقفه.
مع أن الهدف الأساسي من هذا العمل ـ وهو تمويل الناس وتموينهم ـ كان يتحقّق بتلك الطريقة الهادئة.
ومع أن معرفة الناس للأمر ـ ولو بعد حين ـ كان أوقع في النفوس وأكثر تأثيرا في حبّ الناس لأهل البيت عليهمالسلام.
ومع ما في ذلك من البعد عن الرياء ، والسمعة ، والمباهاة.
وقد وصلت سرية عمله عليهالسلام الى حدّ أنه كان يتّهم بالبخل :
قال شيبة بن نعامة: كان علي بن الحسين يبخّل ، فلمّا مات وجدوه يعول مائة أهل بيت بالمدينة (٢).
وقال ابن عائشة ، عن أبيه ، عن عمّه : قال أهل المدينة : ما فقدنا صدقة السرّ حتى مات علي بن الحسين (٣).
وهذا واحد من أساليب عمله في رفع هذه المشكلة ، وقد اتّبع أساليب اُخرى ، نقرأ عنها الأحاديث التالية :
إنه عليهالسلام كان يعتبر المشكلة الاقتصادية محنة كبيرة أن يجد الفقر متفشيا في الدولة الإسلامية ، وهي السعة بحيث لا يمكن معالجتها بسهولة :
ففي الحديث : شكا إليه عليهالسلام بعض أصحابه دينا ، فبكى الإمام عليهالسلام فلمّا سئل عن سبب بكائه؟ قال عليهالسلام : وهل البكاء إلاّ للمحن الكبار!؟ وأي محنة أكبر من أن يرى الإنسان أخاه المؤمن في حاجة لا يتمكّن من قضائها ، وفي فاقة لا يطيق دفعها (٤).
وأسلوب آخر في التركيز على مقاومة المشكلة :
__________________
(١) تاريخ دمشق ( الحديث ٧٩ ) مختصر أبن منظور ( ١٧ : ٢٣٨ ).
(٢) تاريخ دمشق ( الحديث ٨٠ ) مختصر أبن منظور ( ١٧ : ٢٣٩ ).
(٣) حلية الاولياء ( ٣ : ٣٦١ ) ، تاريخ دمشق ( الحديث ٨١ ) مختصر أبن منظور ( ١٧ : ٢٣٩ ) ، وسير أعلام النبلاء ( ٤ : ٣٩٣ ).
(٤) أمالي الصدوق ( ص ٣٦٧ ) ونقله في عوالم العلوم ( ص ٢٩ ) في حديث طويل.