وجوه الجواب
وقد أجابوا عن الاستدلال بالآيتين بوجوه :
الوجه الأول : إن سياق الآيتين يفيد أن الأمر فيهما للاستحباب ، إذ لو كان وجوبيّاً لجاء فيها التحذير من الترك. قاله صاحب (الكفاية) (١).
وفيه : ما لا يخفى ، إذ لو كان عدم التحذير من الترك دليلاً على الاستحباب ، لزم حمل كثيرٍ من الأوامر أو أكثرها على الاستحباب. على أنّ هيئة «افعل» تدلّ على الوجوب بأيّة مادّةٍ من المواد كانت ، ولا فرق بين «استبقوا» و«صلّوا».
الوجه الثاني : إن الأمر بالاستباق والمسارعة ليس مولويّاً بل هو إرشاد إلى حكم العقل بحسن المسارعة إلى تفريغ الذمّة والخروج من عهدة الأمر المتوجّه إلى المكلَّف. قاله صاحب الكفاية والمحقق العراقي والسيّدان الخوئي والحكيم (٢).
وأجاب العراقي : بأن للاستباق إلى الخير والمسارعة نحوه حسناً عقليّاً في موردين فقط ، أحدهما : أن يكون للاستباق والمسارعة خصوصيّة كالصّلاة في أول الوقت. والآخر : أن يكون في التأخير آفة.
وبحثنا هنا في نفس المسارعة والاستباق ... وليس فيهما حسن عقلي.
ولكنّه مخدوش : بأنّ في نفس المسارعة إلى القيام بما أمر به المولى حسناً لكونه انقياداً له ، وإنْ لم يكن في التأخير آفة.
بل الحق في الجواب : إن الأمر الشرعي إنما يحمل على الإرشاد ـ حيث
__________________
(١) كفاية الأصول : ٨٠.
(٢) كفاية الأصول : ٨٠ ، نهاية الأفكار ١ / ٢١٩ ، المحاضرات ٢ / ٢١٥ ، حقائق الأصول ١ / ١٨٩.