أعني لزوم الدور.
لكن لا ريب في سقوط المسلك المنسوب للأشاعرة ، لأنه خلاف الضرورة من الشرع ، إذ لازمه بطلان بعث الرسل وإنزال الكتب ، وأيضاً : لازمه اختصاص الأحكام الشرعية بمن قامت عنده الأمارة ، وهذا خلاف المذهب ، إذ الأحكام ثابتة في الواقع سواء علم بها أو جهلت.
وأمّا على السببيّة بالمعنى الذي تقول به المعتزلة ، وهو وجود الواقع ، لكنّه فرع للأمارة ، فمتى قامت على خلافه انقلب عمّا هو عليه وأصبح تابعاً لمفادها ... فلا محيص عن الإجزاء كذلك ، وهو واضح.
لكنّ السببيّة بهذا المعنى ـ وإن كانت معقولةً ، إذ من الممكن أن يقول بوجود الحكم ما لم تقم أمارة على خلافه ، فلا مانع ثبوتاً ـ باطلة إثباتاً ، لقيام الإجماع بل الضّرورة من العدليّة على إطلاق أدلَّة الأحكام الواقعيّة ، وأنّها محفوظة سواء طابقتها الأمارة أو خالفتها!!
وأمّا على السببيّة (١) ، بمعنى القول بوجود الواقع ، لكنّ الأمارة تكون مزاحمةً له ، فتكون مانعةً عنه ، مقدَّمةً عليه من باب التزاحم ... فالإجزاء واضح كذلك.
وهذا ـ وإنْ كان جائزاً ثبوتاً وممكناً عقلاً ـ باطل شرعاً ، لبطلان التزاحم بين الأمارة والواقع.
وأمّا على السببيّة ، بمعنى : إن الأحكام الشرعيّة موجودة في الواقع ،
__________________
(١) أفاده في الدورة السابقة فقط.