فالوجه في وجوب المقدّمة هو حكم العقل ، فإنّ العقل حاكم بلابديّة تحصيل المقدّمة أو حفظها ... لأنّ المفروض وجوب ذي المقدّمة وجوباً فعليّاً ، فإذا توقّف على مقدمةٍ فاللاّبديّة العقليّة موجودة.
فتحصيل المقدّمات واجب شرعاً وعقلاً على القول بالملازمة ، وعقلاً على القول بعدم ثبوتها.
وعلى هذا ، فإنّ الغسل من الجنابة ومن الحيض واجب في اللّيل مقدّمةً لصوم الغد ، لأن وجوب الصّوم فعلي وإن كان الصوم استقبالياً ، والمقدّمة ـ وهي الطهارة قبل الفجر ـ يجب تحصيلها ، وفي الاستطاعة للحج ، عند ما تحقّقت يجب حفظها لأجل الحج ، ولا يجوز تفويتها وإنْ كان حصولها قبل أشهر الحج ، لأن وجوب الحج فعلي فحفظ مقدّمته واجب ، وكذا تهيئة المقدّمات ، لأنّ الحج وجوبه فعلي.
وعلى هذا أيضاً ، يجب تعلّم المسائل التي سيبتلي بها المكلّف ، بأنْ يتعلّمها قبل البلوغ ، كي لا يؤدّي ترك التعلّم إلى فوت الواجب.
وأمّا في الواجبات التدريجيّة ... فإنّ العلم الإجمالي في الواجبات التدريجيّة له صور :
١ ـ التدريجيّة باختيار المكلَّف ، مثل أن يعلم بأنّ أحد الثوبين مغصوب فيلبس كليهما بالتدريج ... فالعلم الإجمالي هنا منجّز عند الكلّ.
٢ ـ التدريجية على أثر عدم تمكّن المكلّف من الجمع بين الطرفين ، لكن التكليف في كليهما فعلي ، كأنْ يعلم بالإجمال في ظهر يوم الجمعة بوجوب احدى الصّلاتين ، من الجمعة أو الظهر ، فالتدريجيّة هي على أثر عدم