وتنظّر الاستاذ دام بقاه فيما ذكره المحقق الأصفهاني هنا بالنقض والحلّ : أمّا نقضاً ، فبما قاله رحمة الله تعالى عليه في (تعليقة المكاسب) عند كلام الشيخ الأعظم في مسألة بيع الحق على من هو عليه ، حيث ذهب قدسسره إلى عدم إمكانه ، معلّلاً بلزوم الاتّحاد بين المسلَّط والمسلَّط عليه ، وهو غير معقول ، فأشكل عليه المحقّق الأصفهاني (١) : بأنّ المتقابلين اللّذين لا يقبلان الاتّحاد في الوجود هما العلّة والمعلول ، وأمّا المتضايفان ، فبعض الموارد منهما يقبل الاتحاد والاجتماع في وجود واحدٍ كالحبّ ، حيث أنّ النفس الإنسانيّة تحبّ نفسها ، فيجتمع المحبّ والمحبوب ... والسّلطنة من هذا القبيل ، ولا مانع من تسلّط الإنسان على نفسه ، وحديث : «الناس مسلّطون على أنفسهم» وإنْ لم يكن له أصل عن رسول الله ، لكنّ معناه صحيح.
وعلى هذا ، فبناءً على ترشّح الوجوب الغيري من الوجوب النفسي ، يكون الوجوب النفسي علّةً للوجوب الغيري ، ولا يعقل الاندكاك والتأكّد ، لعدم تعقّل الوحدة بينهما ... فيتمّ ما ذكره المحقق العراقي بالنظر إلى كلام المحقق الأصفهاني في حاشية المكاسب ، ولا يرد عليه إشكاله هنا.
وأمّا حلاًّ ، فلقد اختلط الأمر على هذا المحقق ، بين الوجوبين وبين متعلّقي الوجوبين ، فمتعلّق الوجوب الغيري هو الجزء ، ومتعلَّق الوجوب النفسي هو الكلّ ، والتقدّم والتأخّر بينهما طبعي وليس من قبيل العلّة والمعلول ، وفي التقدّم والتأخّر الطبعي يمكن الوجود بوجود واحدٍ مثل
__________________
(١) الحاشية على المكاسب ١ / ٥٥.