وقيل إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكية وأرسلوا في الصلح ، فلما تم ذلك رجعوا إليها.
وقال الكمال بن العديم في زبدة الحلب : إن خالدا رضياللهعنه سار إلى حلب فتحصن منه أهل حلب وجاء أبو عبيدة حتى نزل عليهم فطلبوا إلى المسلمين الصلح والأمان فقبل منهم أبو عبيدة وصالحهم وكتب لهم أمانا ودخل المسلمون حلب من باب أنطاكية ووقفوا داخل الباب ووضعوا أتراسهم في مكان فبني ذلك المكان مسجدا وهو المسجد المعروف بالغضايري داخل باب أنطاكية ويعرف الآن بمسجد شعيب.
وقال ابن شداد في الكلام على المساجد : ( ومسجد الغضايري ) ويعرف الآن بمسجد شعيب وهو أول مسجد اختطه المسلمون ، ولما فتح المسلمون حلب دخلوها من باب أنطاكية ووقفوا داخل البلد ووضعوا أتراسهم في مكان بني به هذا المسجد وعرف أولا بأبي الحسن علي بن عبد الحميد الغضايري (١) أحد الأولياء من أصحاب سري السقطي رحمهالله تعالى وعرف ثانيا بمسجد شعيب وهو شعيب بن أحمد الأندلسي (٢) الفقيه كان من الفقهاء والزهاد ، وكان نور الدين محمود بن زنكي يعتقد فيه ويتردد إليه فوقف على هذا المسجد وقفا ورتب فيه شعيبا المذكور مدرسا على مذهب الشافعي رضياللهعنه. اه.
قال البلاذري في فتوح البلدان : كان بقرب مدينة حلب حاضر يدعى حاضر حلب يجمع أصنافا من العرب من تنوخ وغيرهم فصالحهم أبو عبيدة على الجزية ، ثم إنهم أسلموا بعد ذلك فكانوا مقيمين وأعقابهم به إلى بعيد وفاة أمير المؤمنين الرشيد ، ثم إن أهل ذلك الحاضر حاربوا أهل مدينة حلب وأرادوا إخراجهم منها فكتب الهاشميون من أهلها إلى جميع من حولهم من قبائل العرب يستنجدونهم فكان أسبقهم إلى إنجادهم وإغاثتهم العباس ابن زفر الهلالي فلم يكن لأهل ذلك الحاضر بهم طاقة فأجلوهم عن حاضرهم وأخربوه وذلك في أيام فتنة محمد بن الرشيد ، فانتقلوا إلى قنسرين وأرادوا التغلب عليها فأخرجوهم عنها فتفرقوا في البلاد.
__________________
(١) انظر وفيات سنة ٣١٣.
(٢) انظر وفيات سنة ٥٩٦.