إليه فأدركه أوائلهم وبه رمق ، ثم ختم الله له بالشهادة أعماله ، وكان ذلك لخمس مضين من ربيع الآخر.
لاقي الحمام ولم أكن مستيقنا |
|
أن الحمام سيبتلى بحمام |
قال ابن الأثير : حدثني والدي عن بعض خواصه قال : دخلت إليه في الحال وهو حي ، فحين رآني ظن أني أريد قتله فأشار إلي بأصبعه السبابة يستعطفني فوقعت من هيبته ، فقلت : يا مولاي من فعل هذا ؟ فلم يقدر على الكلام وفاضت نفسه رحمهالله.
قال : وكان حسن الصورة أسمر اللون مليح العينين قد وخطه الشيب ، وكان قد زاد عمره على ستين سنة لأنه كان لما قتل والده صغيرا. ولما قتل دفن بالرقة وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته عظيم السياسة لا يقدر القوي على ظلم الضعيف ، وكانت البلاد قبل أن يملكها خرابا من الظلم وتنقل الولاة ومجاورة الفرنج فعمرها وامتلأت أهلا وسكانا.
قال في المختار من الكواكب المضية : لما قتل بقي وحده فخرج إليه أهل الرافقة فغسلوه بقحف جرة ودفنوه على باب مشهد علي في جوار الشهداء من الصحابة ، وبنوا عليه قبة ، وكان بالمشهد قيم أعجمي وكان رجلا صالحا ، فاتفق أنه رأى ليلة النصف من شعبان كأنه خرج من البلد وجاء للمشهد فرأى على بابه ثلاثة أفراس يمسكها عبد أسود قال : فدخلت المشهد فرأيت ثلاثة رجال فقلت : من أنتم ؟ فقال أحدهم : أنا علي وهذا الحسن والحسين ، ثم سألني عن القبر فقلت : هذا قبر سلطان عظيم ، فقال : مه ، السلطان العظيم هو الله ، فقلت : هذا قبر زنكي الشهيد ، فقال لي : امض إلى ولده محمود وقل له : نحن جعلنا هذا المكان معبدا فلم يجعله مدفنا ، فقل له ينقله من هنا ، [ ثم ] مشوا إلى المكان الذي يقال فيه الكف ودعوا ثم قال : أنت ما تقول له نحن نقول له ، قال : فأصبح الرائي ودخل إلى مدبر المدينة أبي مسلم فحكى له ما رأى وعنده جماعة فكتب كتابا إلى نور الدين يخبره بالمنام فلم يصل إليه الكتاب حتى سير نور الدين كتابا إلى المذكور يقول له : رأيت ليلة نصف شعبان عليا وولديه وقالوا لي : تنقل أباك من المشهد فنحن جعلناه معبدا لم نجعله مدفنا ، وقد سيرت إليك أربعة آلاف قرطيس تبني له تربة مثل تربة الفقراء لا مثل تربة الملوك وتنقله إليها. فبنى له حظيرة بالقرب من المشهد ونقله إليها اه.