المدرسة الزجّاجية :
أنشأها بدر الدولة أبو الربيع سليمان بن عبد الجبار بن أرتق صاحب حلب ، وهي أول مدرسة بنيت بها ، ابتدأ في عمارتها في سنة عشرة وخمسمائة على حائطها مكتوب سنة سبعة عشرة ، ولما أراد بناءها لم يمكنه الحلبيون إذ كان الغالب عليهم حينئذ التشيع [ قلت ] [ القائل ابن الشحنة ] : أخبرني شيخي أبو الوفا رحمهالله تعالى غير مرة أن أهل حلب كانوا كلهم سنية وكلهم حنفية ، حتى قدم شخص إلى حلب فصار فيهم شيعية وصار فيهم شافعية ، فقلت يا سيدي من هو ؟ فقال : الشريف أبو إبراهيم الممدوح ( ممدوح أبي العلاء المعري ) قال : فكان كلما بني فيها شيء نهارا أخربوه ليلا ، إلى أن أعياه ذلك فأحضر الشريف زهرة علي بن أبي إبراهيم الإسحاق الحسيني وهو الشريف أبو إبراهيم الذي أشار شيخنا عنه ( قال ) : والتمس منه أن يباشر بناءها لينكف العامة عن هدم ما يبني ، فباشر الشريف البناء ملازما له حتى فرغ منها ، وكان هذا الشريف من أكابر الأشراف وذوي الرأي والأصالة والوجاهة مقدما في بلده يرجع الناس إلى أمره ونهيه ، وكان معظّم القدر عند الملوك ، ولما توجه عماد الدين زنكي إلى الموصل في سنة تسع وثلاثين وخمس مائة أخذه معه فمات بالموصل.
وقال في الزبد والضرب : وفي سنة ست عشرة وخمسمائة ولى بدر الدولة سلمان الوزارة بحلب أبا الرجاء سعد الله بن هبة الله بن السرطان وجدد ( الصحيح أنشأ كما تقدم ) المدرسة التي بالزجّاجين بحلب المعروفة ببني العجمي بإشارة أبي طالب بن العجمي ، وذكر لي أنه عزم على أن يقفها على الفرق الأربع ، ونقل آلتها من كنيسة دائرة كانت بالطحّانين بحلب اه. قال ابن الشحنة : وهذه المدرسة هي الآن خراب داثرة وقد عمر بها دور للسكنى اه.
أقول : أخبرني بعض أهل المعرفة من أهل محلة الجلّوم أن مكانها الداران اللتان هما تجاه الدار التابعة لوقف الجلبي التي فيها الحوض المعد للسباحة في الزقاق المعروف بزقاق أبي درجين في المحلة المذكورة.