الفرات ، فنهض المسلمون في إثرهم وأدركتهم خيول الإسلام وقد عبر الأجلاد منهم فغنم المسلمون جل سوادهم وأكثر أثقالهم واستباحوهم قتلا وأسرا وتغريقا في الماء ، وأقام المسلمون بإزائهم على الفرات. ولما عرف الملك رضوان هزيمة الفرنج عن الرها خرج ليتسلم أعمال حلب التي كانت في أيدي الفرنج وقاتل ما امتنع عليه منها وأغار على بلد أنطاكية وغنم منها ما يجل قدره ، وكان بينه وبينهم مهادنة نقضها ، وكاتب الفرنج رضوان يوهنون رأيه في نقض الهدنة ، فلما تحقق سلامة طنكريد وعوده رجع إلى حلب وعاد الفرنج من الفرات فقصدوا بلد حلب من شرقها فقتلوا من وجدوا وسبوا أهل النقرة وأخذوا ما قدروا عليه من المواشي وهرب الناس نحو بالس ، وعاد طنكريد فنزل على الأثارب وطيب قلوب الفلاحين من المسلمين وأمنهم ونصب على الأثارب المجانيق وكبشا عظيما ينطح به شرفات الأسوار فيقلبها فخرب أسوارها ، وكان يسمع نطحه من مسيرة نصف فرسخ ، وبذل رضوان لطنكريد في الموضع عشرين ألف دينار على أن يرحل فامتنع وقال : قد خسرت ثلاثين ألف دينار فإن دفعتموها إليّ وأطلقتم كل عبد بحلب منذ ملكت أنطاكية فأنا أرحل ، فاستعظم ذلك واتكل على الحوادث ، وكان الذي بقي في القلعة مقدار مائة دينار وأخذها الخازن على وسطه وهرب إلى الفرنج وهرب جماعة أخر من المسلمين إليهم ، فكتبوا إلى الملك رضوان كتابا على جناح طائر يخبرونه بما تجدد من قوة الحصار وقلة النفقة وقتل الرجال ، وأرسلوا الطائر فسقط في عسكر الفرنج فرماه أحدهم بنشابة فقتله وحمل الكتاب إلى طنكريد ففرح وقويت نفسه وبذل رضوان المال المطلوب له على أن يكون أقساطا ويضع عليه رهائن ، فلم يفعل ويئس من في الأثارب من نجدة تصل إليهم فسلموها إلى طنكريد في جمادى الآخرة منها وأمن أهلها وخرجوا منها ، ثم صالح رضوانا على عشرين ألف دينار وعشرة رؤوس من الخيل فقبضها وعاد إلى أنطاكية ، ثم عاد وخرج إلى الأثارب وقد أدركت الغلة وضعفت حلب بأخذ الأثارب ضعفا عظيما ، وطلب من حلب المقاطعة التي قرر على حلب وأسرى من الأرمن ، وكان رضوان أخذهم وقت إغارته على بلد أنطاكية والفرنج على الفرات فأعادهم إليه ، وطلب بعض خيل الملك رضوان فأعطاه وطلب حرم الفلاحين المسلمين من الأثارب وكانوا وقت نزول طنكريد على الأثارب حصلوا بحرمهم في حلب فأخرجهن إليه ، وضاق الأمر بأهل حلب ومضى بعضهم إلى بغداد واستغاثوا في أيام الجمع