بالموصل وأراد القبض عليه ، فقلد ناصر الدولة أبا عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان أخا الأمير أبي فراس حلب وأعمالها وديار مضر والعواصم وكل ما يفتحه من بلاد الشام ، فتوجه في أول شهر رجب سنة اثنتين وثلاثين وثلاثماية ودخل الرقة بالسيف لأن أهلها حاربوه مع أميرها محمد بن حبيب البلزمي فأسره وسمله وأحرق قطعة من البلد وقبض على رؤساء أهلها وصادرهم ، وتوجه إلى حلب ومعه أبو بكر محمد بن علي بن مقاتل وبحلب يانس المونسي وأحمد بن العباس الكلابي فهربا من بين يديه من حلب وتبعهما إلى معرة النعمان ثم إلى حمص ، وهرب أمير حمص إسحق بن كيغلغ بين هذه البلاد وملك هذه البلاد ودانت له العرب ، ثم عاد إلى حلب وأقام بها إلى أن وافى الأخشيد أبو بكر محمد بن طغج بن جف الفرغاني ، وقدمها الأخشيد في ذي الحجة من هذه السنة ، ولما دنا الأخشيد من حلب انصرف الحسين بن حمدان عنها لضعفه عن محاربته إلى الرقة ، وكان ابن مقاتل مع ابن حمدان بحلب ، فلما أحس بقرب الأخشيد منها وتعويل أحمد بن حمدان على الانصراف استتر في منارة المسجد الجامع إلى أن انصرف ابن حمدان ، ودخل الأخشيد فظهر له ابن مقاتل واستأمن إليه وقلده الأخشيد أعمال الخراج والضياع بمصر ، وأما الحسين بن سعيد فإنه لما وصل إلى الرقة وجد المتقي لله بها هاربا من تورون التركي وقد تغلب على بغداد وسيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان مع المتقي بالرقة وقد فارق أخاه ناصر الدولة لكلام جرى بينهما ، فلم يأذن المتقي لأبي عبد الله الحسن في دخوله الرقة وأغلقت أبوابها دونه ووقعت المباينة بينه وبين عمه سيف الدولة وسعى بينهما في الصلح فتم ، ومضى إلى حران ومنها إلى الموصل ، وقدم الأخشيد عند حصوله بحلب مقدمة إلى بالس وسار بعدها بعد أن سير المتقي أبا الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحق الخرقي يسأل الأخشيد أن يسير إليه ليجتمع معه بالرقة ويجدد العهد به ويستعين به على نصرته ويقتبس من رأيه ، فلما وصل أبو الحسن إلى حلب تلقاه الأخشيد وأكرمه وأظهر السرور بقرب المتقي ، وأنفذ من وقته مالا مع أحمد بن سعيد الكلابي إلى المتقي وسار خلفه حتى نزل وبينه وبين المتقي الفرات ، فراسله المتقي بالخرقي وبوزيره أبي الحسين بن مقلة فعبر إليه يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ووقف بين يدي المتقي لله ، ثم ركب المتقي لله فمشى بين يديه وأمره أن يركب فلم يفعل ولم يدع أحدا من