ويرغم الأنف ، وإنّ لسيدي كبير حقّ ، ولمعظّمه صغير حقّ ، ورعي أحدهما منوط بالآخر.
ومن رسالة : وأنّى يصحّ له ذلك مع ما اشتهر عنه من كونه نمّاما للأسرار ، نقّالا لما يسوء سماعه من الأخبار ، مولعا بالفضول ، كثير الخروج والدخول ، ولّاجا عند فلان وفلان ، كثير التّضريب والإفساد بين الإخوان ، مع لزوم الثّقالة ، والمظاهر بالتقلب والاستحالة ، لا يشكر كثير الإحسان ، ولا يغفر قليل الإساءة ، بساط المنادمة معه لا يطوى أبدا ، أسقط على المساوىء من كلب على جيفة ، وألحّ فيها من ذباب على قرحة. وله مع الحضرمي ممازجة كثيرة.
وهو المخاطب للحضرمي :
لا خير في الصاحب إن لم يكن |
|
يقود أو ينكح أو ينكح |
فإن خلت من صاحب هذه |
|
فإنه للودّ لا يصلح |
فقال له : حسبي القيادة! وقال له على محبوب له من أبناء الجند ، في حكاية طويلة ، وحلق أبو الصبيّ شعره وقيّده ، وحبسه ، لما سمع باجتماعه مع ابن هشام ؛ فقال ابن هشام في ذلك :
طال ليلي مذ قصّروا ليل شعره |
|
ورموا بالسّرار كامل بدره |
يا هلال السماء قبل هلالا |
|
قيّدوه به مخافة فرّه |
فلما سرّح قال :
صفح السّرار عن القمر |
|
وبدا وقد كان استتر |
كتب السّرور لناظري |
|
لما رآه قد ظهر |
هذا أمان للجفو |
|
ن من المدامع والسّهر |
وسكر ليلة ، فخرج والمطر يسحّ ، فرأى جريه ، فأعجبه ، وزيّن له السكر الرقاد في وسط الطريق ، فجاء أحد العسس ، فعرفه ، فحمله إلى داره ، وجرّد ثيابه البليلة ، وألقى عليه من ثيابه ، وحمله إلى منزله ، فلما أفاق أبو القاسم قال : [الطويل]
أقول وقد أوردت نفسي موردا |
|
أبحت به ما شاءه السّكر من عرضي |
وقد صرت سدّا بالطريق لسائل |
|
من القطر إذ لا بسط تحتي سوى الأرض |
وقد هزّني في آخر الليل مرسل |
|
من الله أحياني وألحق بي غمضي |
سأنثى عليك ـ الدهر ـ في كلّ محفل |
|
وما كلّ من أوليته نعمة يقضي |
ولم أدر من ألقى عليّ رداءه |
|
خلا أنه قد سلّ عن ماجد محض (١) |
__________________
(١) صدر البيت مع بعض التغيير في نفح الطيب (ج ٢ / ص ١٥٨ / ١٥٩) وقلائد العقيان (ص ١٠) وقيل : هو صدر بيت لخويلد بن مرّة الهذلي ، وعجزه هو : سوى أنه قد سلّ عن ماجد محض.