كتاب الأندلس. وكان سهل الطّريقة ، كتب عن المأمون أيام ولايته قرطبة ، ثم لحق بالبياسي الثائر (١) ، وكتب عنه ، ثم قتل البياسي ، فاستخفى ، ثم لحق بإشبيلية.
وتسبّب إلى المأمون ، وأنشده قصيدة منها :
مولاي إنّ بليتي مع خدمتي |
|
خصمان فاحكم للتي هي أقدم |
ثم أكثر عليه من الرّقاع في ذلك ، فوقّع له : يا هذا قد أكثرت علينا من الرقاع ، وقد أمضينا لك حكم ابن الرّقاع.
وبلغني في مصر أنه توفّي بالجزيرة الخضراء في سنة أربعين وستمائة. ومما أنشدنيه لنفسه قوله :
لاموا على حبّ الصّبا والكاس |
|
لما بدا وضح المشيب براسي |
والغصن أحوج ما يكون لسقيه |
|
أيان يبدو بالأزاهر كاسي |
وقوله :
أمسى الفراش يطوف حول كؤوسنا |
|
إذ خالها تحت الدّجى قنديلا |
ما زال يخفق حولها بجناحه |
|
حتى رمته على الفراش قتيلا |
ومن نثره : بما أسلف لهذا الحزب الغالب من انتباه والناس نيام ، وانتصار بالمال والنفس والكلام ، وخوض في لجج المهالك ، وقطع لمضيقات المسالك ، حتى شكر إثر عناه راحته ونجاحه ، وحمد بعد ما أطال سراه صباحه ، فجدير أن يجني ثمرة ما غرس ، وأن يمشي في ضوء ذلك القبس.
١٩ ـ أخوه أبو القاسم عامر بن هشام (٢)
هو صاحب القصيدة المتقدمة في متفرّجات قرطبة ، وحسبه فخرا وعلوّ طبقة. وكان مشهورا بالمنادمة والبطالة. ومن نثره قوله في مخاطبة رئيس :
وإني لكالأرض الكريمة إن نظر منها وسقيت أنبتت وأزهرت ، وأودعت لسان النّسيم ، ما يعبّر به في الآفاق من شكر الخير الجسيم ، وإن أهملت صوّحت وأودعت السّوافي ما يعمي العين ،
__________________
(١) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٣٢).
(٢) ترجمته في نفح الطيب (ج ٢ / ص ١٨) والقصيدة في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٨١).