ومن القلائد غرّة في جبين الملك ، ودرّة لا تصلح إلا لذلك السّلك ، باهت به الأيام ، وتاهت في يمينه الأقلام ، واشتملت عليه الدول اشتمال الكمام على النّور ، وانسربت إليه الأمانيّ انسراب الغمام إلى الغور.
فمن نثره قوله : وافتنى ـ أطال الله بقاءك ـ أحرف كأنها الوشم في الخدود تمس في حلل إبداعها ، وإنك لسابق الحلبة لا يدرك غبارك في مضمارها ، ولا يضاف سرارك إلى إبدارها ، وما أنت في أهل البلاغة إلا نكتة فلكها ، ومعجزة تشرف ، الدّول بتملّكها ، وما كان أخلقك بملك يدنيك ، وملك يقيتنيك ، ولكنها الحظوظ. لا تعتمد من تتجمّل به وتتشرف ، ولا تقف إلا على من توقّف ، ولو أنفقت بحسب الرّتب لما ضربت عليك إلا قبابها ، ولا عطفت عليك إلا أثوابها ، وأما ما عرضته فلا أرى أنفاذه قواما ، ولا أرى لك أن تترك عيون رأيك نياما ، ولو كففت عن هذا الخلق ، وانصرفت عن تلك الطّرق ، لكان الأليق بك ، والأذهب مع حسن مذهبك.