في مصر محبوسا في خزانة الكتب.
ومن الخريدة : كان واحد زمانه ، وأفضل أوانه ، متبحّرا في العلم ، منشئا للمنثور والمنظوم ، وله الباع الطويل في الأصول ، والتصانيف الحسنة ، منها كتاب الحديقة ، على أسلوب كتاب اليتيمة ، وتوفّي سنة ستّ وأربعين وخمسمائة في المحرّم. وأحسن ما وقفت عليه في ديوانه قوله (١) : [الكامل]
لا غرو أن سبقت يداك (٢) مدائحي |
|
وتدفّقت جدواك ملء إنائها |
يكسى القضيب ولم يحن إثماره |
|
وتطوّق (٣) الورقاء قبل غنائها |
وقوله (٤) : [الكامل]
تخذوا القنا أشطانهم واستنبطوا |
|
في كلّ قلب للطعان (٥) قليبا |
ومنها (٦) :
تعطى الذي أعطتكه سمر القنا |
|
أبدا فتغدو سالبا مسلوبا (٧) |
وكان قد خرج من إشبيلية ، فصحب بالمهديّة ملوكها الصّنهاجيين ، وتوجّه في رسالة إلى مصر ، فسجن في القاهرة في خزانة البنود ، وكان فيها خزائن من أصناف الكتب ، فأقام بها نحو عشرين سنة ، فخرج منها وقد برع في علوم كثيرة ، من حديثة وقديمة. وصنّف كتاب الحديقة ، على منزع كتاب اليتيمة ، في فضلاء عصره ، وصنّف الرسالة المصرية ، وصنّف في الطب والتنجيم والألحان ، وعنه أخذ أهل إفريقية الألحان التي هي الآن بأيديهم. وعاد إلى المهديّة ، فجلّ قدره ، وعظم عند ملوكها ذكره ، وأعقب هنالك عقبا نابها. وقد تقدّمت أبياته في بركة الجيش والأهرام.
ووجدت في ديوانه منسوبا له :
أشهر الصّوم ما مثل |
|
ك عند الله من شهر |
على أنّك قد حرّم |
|
ت فينا لذّة الخمر |
__________________
(١) الأبيات في الخريدة (ص ١٩١) ووفيات الأعيان (ج ١ / ص ٢٤٤) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٣٢٠).
(٢) في النفح : لهاك.
(٣) في النفح : وتطوّف.
(٤) البيت في الخريدة (ص ١٩١) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٣٢٠).
(٥) في النفح : بالطّعان.
(٦) البيت في الخريدة (ص ١٩٣) والنفح (ج ١ / ص ٣٢١).
(٧) في الخريدة : فتغدو السالب المسلوبا.