قلوبهم معك ، وسيوفهم مع بني اُمية. فاتّق اللّه في نفسك (١).
٦ ـ لمّا أتى إلى الحسين خبر قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبداللّه بن يقطر. قال لأصحابه : لقد خذلنا شيعتنا فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف ليس معه زمام ، فتفرّق الناس عنه ، وأخذوا يميناً وشمالاً حتّى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة نفر يسير ممّن انضمّوا إليه « ومع ذلك فلمّا أصبح سار نحو الكوفة فقال له شيخ من بني عكرمة يقال له عمر بن لوزان : أين تريد؟ فقال له الحسين عليهالسلام : الكوفة ، فقال الشيخ : أنشدك لمّا انصرفت فواللّه ما تَقْدِمُ إلاّ على الأسنّة وحدّ السيوف فقال له الحسين : ليس يخفى عليّ الرأي وأنّ اللّه تعالى لا يغلب على أمره (٢).
وفي نفس النص دلالة على أنّ الامام كان يتفرّس ما كان يتفرسه غيره وانّ مصيره لو سار إلى الكوفة هو القتل ومع ذلك أكمل السير طلباً للشهادة التي كان المولى سبحانه كتبها إيّاه لأجل احياء الدين وهتك الأعداء ، وايقاظ الاُمة من سباتها حتّى يضحّوا في طريق الدين بكل غال ورخيص.
إلى غير ذلك من الشواهد والقرائن المتواترة ، الدالة على أنّه كان من الواضح أنّ الامام لا ينجح في ثورته نجاحاً ظاهرياً ومع ذلك واصل طريقه إلى أن لقى عدوّه وضحّى بنفسه وأهل بيته ، كل ذلك لأجل ايقاظ ضمير الاُمّة ، وفضح أعداء الإسلام ولقد أفصح عن هدفه عندما طلب منه الحر بن يزيد ترك المخاصمة وقال : فإنّي أشهد لئن قاتلت لتُقْتَلنَّ فقال له الحسين : أبالموت تخوّفني وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه وهو يريد نصرة رسول اللّه فخوفه ابن عمّه.
__________________
١ ـ الارشاد ٢١٨ ، نفس المهموم ٩١.
٢ ـ الارشاد ٢٢٣.