النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء. والعدو قسمان :
الأوّل : من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين ، كالكافر والمسلم.
الثاني : من كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية ، كالمال والمتاع والملك والامارة (١).
٦ ـ وقال جمال الدين القاسمي : ومن هذه الآية : ( إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة ) استنبط الأئمّة مشروعية التقية عند الخوف ، وقد نقل الاجماع على جوازها عند ذلك الإمام مرتضى اليماني في كتابه ( ايثار الحق على الخلق ) (٢).
٧ ـ وفسر المراغي قوله تعالى : ( إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة ) بقوله : أي ترك موالاة المؤمنين للكافرين حتم لازم في كل حال إلاّ في حال الخوف من شيء تتّقونه منهم ، فلكم حينئذ أن تتّقوهم بقدر ما يبقى ذلك الشيء ، إذ القاعدة الشرعية « إنّ درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ».
وإذا جازت موالاتهم لاتقاء الضرر فأولى أن تجوز لمنفعة المسلمين ، إذاً فلا مانع من أن تحالف دولة إسلامية دولة غير مسلمة لفائدة تعود إلى الأولى إمّا بدفع ضرر أو جلب منفعة ، وليس لها أن تواليها في شيء يضر المسلمين ، ولا تختص هذه الموالاة بحال الضعف ، بل هي جائزة في كل وقت.
وقد استنبط العلماء من هذه الآية جواز التقية بأن يقول الإنسان أو يفعل ما يخالف الحق ، لأجل التوقّي من ضرر يعود من الأعداء إلى النفس ، أو العرض ، أو المال.
فمن نطق بكلمة الكفر مكرهاً وقاية لنفسه من الهلاك ، وقلبه مطمئن بالإيمان ،
__________________
١ ـ الآلوسي : روح المعاني ٣ / ١٢١.
٢ ـ جمال الدين القاسمي : محاسن التأويل ٤ / ٨٢.