ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال : رجل مسكين تقطّعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلاّ باللّه ثمّ بك. أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيراً اتبلّغ عليه في سفري فقال له : إنّ الحقوق كثيرة. فقال له : كأنّي أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس. فقيراً فأعطاك اللّه؟ فأجابه : لقد ورثت لكابر عن كابر؟ فقال : إن كنت كاذباً فصيّرك اللّه إلى ما كنت.
وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثلما رد عليه هذا ، فقال : إن كنت كاذباً فصيّرك اللّه إلى ما كنت.
وأتى الأعمى في صورته فقال : رجل مسكين وابن سبيل وتقطّعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلاّ باللّه ، ثمّ بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلَّغ بها في سفري فقال : قد كنت أعمى فرد اللّه بصري وفقيراً فقد أغناني فخذ ما شئت ، فواللّه لا أجحدك اليوم بشيء أخذته للّه ، فقال : امسك مالك فإنّما ابتليتم فقد رضي اللّه عنك وسخط على صاحبيك (١).
هذه حقيقة البداء ، وهذا هو مفهومه في الثبوت والاثبات ، قد ادعمه الذكر الحكيم والسنَّة النبوية فماذا بعد الحقِّ إلاّ الضلال.
__________________
١ ـ البخاري : الصحيح ٤ / ١٧٢ ، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني اسرائيل.