وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الماكِرِينَ ) (١) وليست المناقشة في التعبير من دأب المحقّقين ، فلو كان أهل السنّة لا يروقهم التعبير عن هذا الأصل بلفظ البداء للّه. فليغيّروا التعبير ويعبّروا عن هذه الحقيقة الناصعة بتعبير يرضيهم.
ولكن الشيعة تبعت النبي الأكرم في هذا المصطلح وهو أوّل من استعمل تلك اللفظة في حقّه سبحانه ، روى البخاري في كتاب النبوّة « قصة بدء الخليفة » وفيها هذه اللفظة التي يستوحش منها أهل السنّة ، روى أبو هريرة :
انّه سمع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنّ ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، بدا للّه أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص فقال : أىّ شيء أحبّ إليك؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، قد قذّرني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه فاُعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً ، فقال : أىّ المال أحبّ إليك؟ قال : الإبل أو قال : البقر ـ هو شك في ذلك انّ الأبرص والأقرع قال أحدهما : الإبل وقال الآخر : البقر ـ فاُعطي ناقة عشراء ، فقال : يبارك اللّه لك فيها.
وأتى الأقرع فقال : أىّ شيء أحبّ إليك؟ قال : شعر حسن ويذهب عنّي هذا قذرني الناس. قال : فمسحه ، فذهب ، واُعطي شعراً حسناً ، قال : فأيّي المال أحبّ إليك؟ قال : البقر. قال : فأعطاه بقرة حاملاً ، وقال : يبارك لك فيها.
وأتى الأعمى فقال : أىّ شيء أحبّ إليك؟ قال : يرد اللّه إلىّ بصري ، فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فردّ اللّه إليه بصره. قال : فأىّ المال أحبّ إليك؟ قال : الغنم ، فأعطاه شاة والداً فأنتج هذان وولّد هذا ، فكان لهذا واد من إبل ، ولهذا واد من بقر ، ولهذا واد من الغنم.
__________________
١ ـ آل عمران / ٥٤ ، وهنا آيات اُخرى يستدل بها على المشاكلة في التعبير عن الحقائق العلوية.