الغزانوة ولا السلاجقة ولا من أتى بعدهم أي حرمة لنفوسهم واعراضهم وعلومهم ومكتباتهم ، وكانت اليهود والنصارى أحراراً في الرقعة الاسلامية وكانت الشيعة تعيش في التقيّة ولا يتوجّه أي ذنب على الشيعة في أن يتقي أخاه المسلم ، ويظهر له خلاف ما يعتقده. إنّما التقصير على من حملهم على التقيّة ، وأباح دمهم وعرضهم وأموالهم فلم ير بدّاً ، لصيانة نفسه ونفيسه من التقيّة.
هذا هو طغرل بيك أوّل ملك من السلاجقة ورد بغداد سنة ٤٤٧ وشنّ على الشيعة حملة شعواء وأمر بإحراق مكتبة الشيعة التي أنشأها أبو نصر سابور بن اردشير ، وزير بهاء الدولة البويهي وكانت من دور العلم المهمّة في بغداد بناها هذا الوزير الجليل ما تفرّق من كتب فارس والعراق واستكتب تآليف أهل الهند والصين والروم ، كما قاله محمد كرد علي ، ونافت كتبها على عشرة آلاف من جلائل الآثار ومهام الأسفار ، وأكثرها نسخ الأصل بخطوط المؤلّفين (١).
قال ياقوت الحموي : وبها كانت خزانة الكتب التي أوقفها الوزير أبو نصر سابور بن اردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة ، ولم يكن في الدنيا أحسن كتباً منها ، كانت كلّها بخطوط الأئمّة المعتبرة واُصولهم المحرّرة (٢).
وكان من جملتها مصاحف بخطّ ابن مقلة على ما ذكره ابن الأثير (٣).
وحيث كان الوزير سابور من أهل الفضل والأدب ، أخذ العلماء يهدون إليه
__________________
١ ـ خطط الشام ٣ / ١٨٥.
٢ معجم البلدان ٢ / ٣٤٢.
٣ ـ الكامل في التاريخ ١٠ / ٣.