أمامك فانظر أيّ نهجيك تنهج |
|
طريقان شتّى مستقيم وأعوج |
ألا أيّ هذا الناس طال ضريركم |
|
بآل رسول اللّه فاخشوا أو ارتجوا |
أكلّ أوانٍ للنبي محمّد |
|
قتيل زكيّ بالدماء مضرّج (١) |
« واللّه لا يعرف التاريخ اُسرة كاُسرة أبي طالب بلغت الغاية من شرف الأرومة ، وطيب النجار ، ضلّ عنها حقّها ، وجاهدت في سبيل الله حقَّ الجهاد من الاعصار ثم لم تظفر من جهادها المرير إلا بالحسرات ولم تعقب من جهادها إلا العبرات ، على ما فقدت من أبطال أسالوا نفوسهم في ساحة الوغى ، راضية قلوبهم مطمئنة ضمائرهم ، وصافحوا لاموت في بسالة فائقة وتلقّوه في صبر جميل يثير في النفس الاعجاب والاكبار ويشيع فيها ألوان التقدير والاعظام.
وقد أسرف خصوم هذه الاُسرة الطاهرة في محاربتها وأذاقوها ضروب النكال ، وصبّوا عليها صنوف العذاب ، ولم يرقبوا فيها إلاً ولا ذمّةً ولم يرعوا لها حقّاً ولا حرمة وأفرغوا بأسهم الشديد على النساء والأطفال ، والرجال جميعاً في عنف لا يشوبه لين ، وقسوة لا تمازجها رحمة ، حتى غدت مصائب أهل البيت مضرب الأمثال ، في فظاعة النكال ، وقد فجرت هذه القسوة البالغة ينابيع الرحمة والمودّة في قلوب الناس وأشاعت الأسف الممض في ضمائرهم ، وملأت عليهم أقطار نفوسهم شجنا ، وصارت مصارع هؤلاء الشهداء حديثاً يروي وخبراً يتناقل ، وقصصاً يقص ، يجد فيه الناس إرضاء عواطفهم وإرواء مشاعرهم فتطلبوه وحرصوا عليه » (٢).
كانت الشيعة حليف الضغط والكبت ، لم ير الامويّون والعباسيّون ولا الملوك
__________________
١ ـ مقاتل الطالبيين ٦٣٩ ـ ٦٤٦.
٢ ـ مقدّمة مقاتل الطالبيين ، بقلم السيد أحمد صفر : الصفحة ي ـ ك ، طبع دار المعرفة.