أو لست المدعي زياداً في الإسلام فزعمت أنّه ابن أبي سفيان ، وقد قضى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم انّ الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ثم سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويصلبهم على جذوع النخل؟
سبحان اللّه يا معاوية! لكأنّك لست من هذه الاُمّة ، وليسوا منك ، أو لست قاتل الحضرمي الذي كتب إليك في حقه زياد أنّه على دين علي كرم اللّه وجهه ، ودين علي هو دين ابن عمّه صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه ، ولو لا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين : رحلة الشتاء والصيف ، فوضعها اللّه عنكم بنا منَّةً عليكم ، وقلت فيما قلت : لا تردن هذه الاُمّة في فتنة وانّي لا أعلم لها فتنة أعظم من امارتك عليها ، وقلت فيما قلت : انظر لنفسك ولدينك ولاُمّة محمّد. وانّي واللّه ما أعرف فضلا من جهادك ، فإن أفعل فإنّه قربة إلى ربّي ، وإن لم أفعله فأستغفر اللّه لديني. وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى ، وقلت فيما قلت : متى تكدني أكدك ، تكدني يا معاوية ما بدا لك ، فلعمري لقديماً يكاد الصالحون وانّي لأرجو أنّ لا تضر إلاّ نفسك ولا تمحق إلاّ عملك فكدني ما بدالك ، واتّق اللّه يا معاوية! واعلم انّ للّه كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، واعلم أنّ اللّه ليس بناس لك قتلك بالظنّة ، وأخذك بالتهمة ، وإمارتك صبيّاً يشرب الشرب ويلعب بالكلاب ، ما أراك إلاّ قد أوبقت نفسك ، وأهلكت دينك ، وأضعت الرعية ، والسلام » (١).
هذه رسالة أبي الشهداء ، الحسين بن علي عليهماالسلام ، وتكفيك بياناً
__________________
١ ـ الامامة والسياسة ١ / ١٦٤ ، جمهرة الرسائل ٢ / ٦٧ ورواه الكشي في رجاله ٤٨ ـ ٥١ ، والمجلسي في البحار ٤٤ / ٢١٢ ـ ٢١٤.