وخراسان وبعث الرسل إلى البلاد ، فكان أوّل بلاد وصل إليها الأمر بغداد وشيراز واصفهان ، فأمّا أهل بغداد فخرج منهم أهل باب الازج يقولون لاسمعاً ولا طاعة ، وجاءوا للجامع وهدّدوا الخطيب بالقتل إن غيّر الخطبة وهكذا فعل أهل شيراز وأهل اصفهان (١).
وقال القاضي عياض في مقدمة ـ ترتيب المدارك ـ وهو يحكي انتشار مذهب مالك : وأمّا خراسان وما وراء العراق من بلاد المشرق فدخلها هذا المذهب أولاً بيحيى بن يحيى التميمي ، وعبداللّه بن المبارك ، وقتيبة بن سعيد ، فكان له هناك أئمة على مر الأزمان ، وتفشّى بقزوين وماولاها من بلاد الجبل. وكان آخر من درس منه بنيسابور أبو إسحاق بن القطان وغلب على تلك البلاد مذهبا أبي حنيفة والشافعي (٢).
قال « بروكلمان » : إنّ شاه إسماعيل الصفوي بعد انتصاره على « الوند » توجّه نحو تبريز فأعلمه علماء الشيعة التبريزيون أنّ ثلثي سكان المدينة الذين يبلغ عددهم ثلاثمائة ألف ، من السنّة (٣).
هذه النصوص تعطينا أنّ السنّة كانت هي المذهب السائد إلى القرن العاشر بين الفرس ، فكيف يمكن أن يقال : إنّ بلاد فارس كانت هي الموطن الأصلي للتشيّع.
هذا هو ابن الأثير يؤكّد على أنّ أهل طوس كانوا سنَّة إلى عصر محمود بن سبكتكين ، قال : إنّ محمود بن سبكتكين جدّد عمارة المشهد بطوس الذي فيه قبر
__________________
١ ـ رحلة ابن بطوطة ٢١٩ ـ ٢٢٠.
٢ ـ ترتيب المدارك ١ / ٥٣.
٣ ـ تاريخ المذاهب الإسلامية ١ / ١٤٠.