إنّ النبوة والوصاية من الاُمور الوراثية في الشرائع السماوية ، لا بمعنى أنّ الوراثة هي الملاك المعيّن بل بمعنى أنّه سبحانه جعل نور النبوة والامامة في بيوتات خاصة ، فكان يتوارث نبي نبيّاً ، ووصي وصيّاً ، يقول سبحانه :
( وَلَقَدْ أَرْسَلنَا نُوحاً وإبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِما النُّبُوَّةَ والكِتابَ ) (١). ( وإِذِ ابْتَلَى إِبراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمات فَأتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمن ذُرِّيَّتِى قَالَ لا يَنالُ عَهْدِى الظّالِمينَ ) (٢). ( أمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبراهيمَ الكِتَابَ والحِكْمَةَ وآتَيناهُم مُلْكاً عَظِيماً ) (٣).
فلماذا لا يكون سبب تشيّع الفرس مفاد هذه الآيات والروايات التي تصرّح بأنّ الوصاية بين الأنبياء كانت أمراً وراثياً؟ وانّ هذه سنّة اللّه في الاُمم كما هو ظاهر قوله سبحانه ( لا ينال عهدى الظالمين ) فسمّى الامامة عهد اللّه لا عهد الناس.
ثمّ إنّ من زعم أنّ التشيّع من صنع الفرس مبدأً وصبغة فهو جاهل بتاريخ الفرس وذلك لأنّ التسنّن كان هو السائد عليهم إلى أوائل القرن العاشر حتّى غلب عليهم التشيّع في عصر الصفويين ، نعم كانت الري وقم وكاشان معقل التشيّع ومع ذلك يقول أبو زهرة : إنّ أكثر أهل الفارس إلى الأن من الشيعة وأنّ الشيعة ، الأولين كانوا من أهل فارس (٤).
أمّا غلبة التشيّع عليهم في الآونة الأخيرة فلا ينكره أحد ، إنّما الكلام كونهم
__________________
١ ـ الحديد / ٢٦.
٢ ـ البقرة / ١٢٤.
٣ ـ النساء / ٥٤.
٤ ـ تاريخ المذاهب الإسلامية ١ / ٤١ ط دار الفكر العربي.