بعكس ذلك ، إذ تقول انّ التشيّع الواضح الصريح كان قائماً أولاً في الأوساط العربية ، ثم انتقل بعد ذلك منها إلى الموالي ، وجمع بين هؤلاء وبين تلك الأوساط.
ولكن لمّا ارتبطت الشيعة العربية بالعناصر المضطهدة تخلّت عن تربية القومية العربية ، وكانت حلقة الإرتباط هي الإسلام ولكنّه لم يكن ذلك الإسلام القديم ، بل نوعاً جديداً من الدين (١).
أقول : إنّ مراده أنّ التشيّع كان في عصر الرسول وبعده بمعنى الحب والولاء لعلي لكنّه انتقل بيد الفرس إلى معنى آخر وهو كون الخلافة أمراً وراثياً في بيت علي عليهمالسلام هذا هو الذي يصرح به الدكتور أحمد أمين ويقول : إنّ الفكر الفارسي استولى على التشيّع ، والمقصود من الاستيلاء هو جعل الخلافة أمراً وراثياً كما كان الأمر كذلك بين الفرس في عهد ملوك بني ساسان وغيرهم.
يلاحظ عليه : أنّ كون الحكم والملك أمراً وراثياً لم يكن من خصائص الفرس ، بل وراثية الحكم كان سائداً في جميع المجتمعات ، فالنظام السائد بين ملوك الحيرة وغسان وحمير في العراق والشام واليمن كان هو الوراثه ، والحكم في الحياة القبلية في الجزيرة العربية كان وراثياً ، والمناصب المعروفة لدى قريش من السقاية والرفادة وعمارة المسجد الحرام والسدانة كانت اُموراً وراثية حتّى أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يغيّرها بل أنّه أمضاها ومن هنا نرى أنّه قد دفع مفاتيح البيت لبني شيبة لمّا كانت السدانة منصباً لهم أيام الجاهلية ، فتخصيص الفرس بالوراثة وغمض العين عن غيرهم أمر عجيب ، فعلى ذلك يجب أن نقول ، انّ التشيّع اصطبغ بصبغة فارسية وغسانية وحميرية وأخيراً عربية ، فما معنى تخصيص فكرة الوصاية بالفرس مع كونها آنذاك فكرة عامة عالمية؟!
__________________
١ ـ الخوارج والشيعة ١٦٩.